وكان ثمانون في المائة من سكان إيرلندة كاثوليكياً، ولكن لم يكن جائزاً انتخاب أي كاثوليكي لعضوية البرلمان. ولم يملك أرضاً من الكاثوليك إلا قلة. وكان المستأجرون البروتستانت يعطون إيجارات مدى الحياة، أما إيجارات الكاثوليك فلا تمتد أكثر من إحدى وثلاثين سنة؛ وكان عليهم أن يدفعوا ثلثي أرباحهم إيجار (٤). ولم يسمح بالمدارس الكاثوليكية، ولكن المسئولين لم يطبقوا القانون الذي حرم على الإيرلنديين التماس التعليم خارج وطنهم. وقبل بعض الطلاب الكاثوليك في كلية ترنتي، ولكنهم لم يستطيعوا نيل درجة علمية. وسمح بالعبادة الكاثوليكية، ولكن لم يكن هناك وسائل شرعية لإعداد القساوسة الكاثوليك؛ على أنه جاز للطلاب أن يلتحقوا بالكليات اللاهوتية في القارة. وقد اكتسب بعض هؤلاء الطلاب ما تحلى به الكهنوت في فرنسا وإيطاليا من دماثة طبع وتحرر آراء، فلما عادوا إلى إيرلندة قسساً لقوا الترحيب على موائد البروتستانت المتعلمين، وأعانوا على التخفيف من حدة التعصب على الجانبين، فلما أن دخل هنري جراثان البرلمان الإيرلندي (١٧٧٥) كانت حركة التحرير الكاثوليكي قد اكتسبت تأييد الألوف من البروتستانت سواء في إنجلترا أو في إيرلندة.
وفي ١٧٦٠ كان يحكم إيرلندة نائب عن الملك يعينه ملك إنجلترا وهو مسئول أمامه، وبرلمان يسوده الأساقفة الأنجليكان في مجلس اللوردات ويسوده في مجلس العموم ملاك الأرض وأرباب الرواتب الحكومية من الأنجليكان. وكانت الانتخابات البرلمانية خاضعة لنظام الدوائر "العفنة" أو دوائر "الجيب" ذاته المتبع في إنجلترا. وكانت قلة من كبار الأسر تعرف باسم "المتعهدين" تملك أصوات دوائرها كما تملك بيوتها (٥).
وكانت المقاومة الكاثوليكية للحكم الإنجليزي متفرقة عديمة الفاعلية. ففي ١٧٦٣ راحت عصابات من الكاثوليك سموا "الصبيان البيض"-نسبة للقمصان البيضاء التي كانوا يرتدونها فوق ملابسهم-تجوب أنحاء الريف وتهدم سياجات الأراضي المسورة، وتعجز الماشية، وتهاجم جباة الضرائب أو العشور؛ ولكن قبض على زعمائهم وشنقوا، وفشل التمرد. وكانت حركة التحرير "القومي" أحسن حظاً. ففي ١٧٧٦ أخذ أكثر الجنود