البريطانيون من إيرلندة ليحاربوا في أمريكا، وفي الوقت ذاته اعترى الاقتصاد أو الغزو من الخارج جند بروتستانت إيرلندة جيشاً سموه "المتطوعين". وازداد هؤلاء عدداً وسطوة حتى باتوا في ١٧٨٠ قوة رهيبة. وبفضل تأييد هؤلاء المسلحين الذي بلغ عددهم أربعين ألفاً ظفر هنري فلود وهنري جراتان بانتصاراتهما التشريعية.
وكان كلاهما ضابطاً في جيش المتطوعين، وخطيباً مفوهاً من أعظم الخطباء في بلد استطاع أن يبعث ببيرك ورتشارد شريدان إلى إنجلترا ويبقى فيه رغم ذلك معين لا ينضب من البلاغة. ودخل فلود البرلمان الإيرلندي في ١٧٥٩. وقد تزعم حملة للتخفيف عن الفساد في مجلس كان نصف أعضائه مدينين بالفضل للحكومة. ولكن الرشوة الشاملة هزمته، فاستسلم (١٧٧٥) بقبول وظيفة نائب المخازن نظير راتب قدره ٣. ٥٠٠ جنيه.
في ذلك العام انتخبت دائرة دبلن هنري جراتان لعضوية البرلمان. وسرعان ما تبؤ مكان فلود زعيماً للمعارضة. وقد أذاع برنامجاً طموحاً، قوامه التخفيف عن الكاثوليك الإيرلنديين وتحرير "المنشقين" من ربقة قانون الاختيار، وإنهاء القيود الإنجليزية على التجارة الإيرلندية، وتوطيد استقلال البرلمان الإيرلندي. وقد سعى إلى هذه الأهداف بهمة وإخلاص ونجاح. مما جعله معبود الأمة سواء الكاثوليك والبروتستانت. وفي ١٧٧٨ حصل على الموافقة على قانون يمكن الكاثوليك من الحصول على إيجارات مدتها تسع وتسعون سنة، ومن وراثة الأرض بالشروط التي يرثها البروتستانت. وبعد عام، وبناء على إلحاحه، ألغي قانون الاختيار، وأمن للمنشقين كامل الحقوق المدنية. وقد أقنع هو وفلود البرلمان الإيرلندي ونائب الملك بأن استمرار المعوقات البريطانية للتجارة الإيرلندية من شأنه أن يؤدي إلى العنف الثوري. وكان اللورد نورث، رئيس الحكومة البريطانية آنئذ، يحبذ إلغاء هذه القيود، ولكن رجال الصناعة الإنجليز انهالوا عليه بوابل من الالتماسات ضد الإلغاء، فأذعن لهم. وبدأ الإيرلنديون يقاطعون البضائع البريطانية، وتجمع "المتطوعون" أمام مبنى البرلمان الإيرلندي وفي أيديهم