وشجعت الأمم الأوربية انتصاراتها السهلة فأخذت تقتطع من الصين قطعة بعد قطعة، فاستولت الروسيا على الأراضي التي تقع في شمال نهر عامور وشرق نهر الأوسوري (١٨٦٠ م)، وانتقم الفرنسيون لموت أحد المبشرين بالاستيلاء على الهند الصينية (١٨٨٥ م)، وانقضت اليابان على جارتها ومصدر حضارتها وأثارت عليها حرباً فجائية (١٨٩٤ م)، وهزمتها بعد عام واستولت على فرموزا وحررت كوريا من الصين لتستولي عليها فيما بعد (١٩١٠ م)، وفرضت على الصين غرامة حربية تبلغ ٠٠٠ ر ٠٠٠ ر ١٧٠ دولار لما سببته لها من متاعب جمة (٧). ومنعت الروسيا اليابان أن تستولي على شبه جزيرة لياتنج على أن تؤدي الصين إلى اليابان غرامة إضافية، فلما انقضت ثلاث سنين من ذلك الوقت استولت الروسيا نفسها على شبه الجزيرة وأقامت فيها عدة حصون منيعة. وكان مقتل اثنين من المبشرين على يد الصينيين سبباً في استيلاء ألمانيا على شبه جزيرة شانتنج (١٨٩٨ م)، ثم قسمت الدولة الصينية التي كانت تحكمها من قبل حكومة قوية إلى "مناطق نفوذ" تستمتع فيها هذه الدولة الأوربية أو تلك بامتيازات في التعدين أو التجارة لا تشاركها فيها غيرها من الدول. وخشيت اليابان أن تقسم الصين تقسيماً حقيقياً بين الدول الغربية، وأدركت شدة حاجتها إلى الصين في مستقبل الأيام، فانضمت إلى أمريكا وطالبت الدولتان بسياسة "الباب المفتوح"، أي بحق الدول جميعاً في الاتجار مع الصين على قدم المساواة رغم اعترافها بما للدول في الصين من "مناطق نفوذ"، على أن تكون الضرائب الجمركية ونفقات النقل واحدة لجميع الدول على السواء. وأرادت الولايات المتحدة أن تضع نفسها في مركز يمكنها من أن تساوم على هذه المسائل، فوضعت يدها على جزائر الفلبين (١٨٩٨ م) وأعلنت بعملها هذا عزمها على أن تشترك في النزاع القائم من أجل الاتجار مع الصين.
وفي هذه الأثناء كان فصل آخر من الرواية يمثل وراء جدران القصر الإمبراطوري في بيكين. ذلك أنه لما دخل الحلفاء عاصمة الصين ظافرين في