وقد جرت عليه هذه المغامرات، وتبعيته لجونسن، تعليقات ملؤها الازدراء من رجال كهوراس ولبول، ونقداً لاذعاً (بعد موته) من ماكولي (١٢٣)، ولكنها لم تتركه بغير صديق. "إن اتصافي بالكفاءة وكثرة المعارف يجعل الناس مغرمين بكسب مودتي"(١٢٤) وكان أكثر اللنديين يوافقون بوزويل على أنه ليس لامرأة الحق في رجل بأكمله. وإذا كان رجال كجونسن ورينولدز قد أحبوه، وإذا كانت بيوت لندنية كثيرة قد فتحت له أبوابها، فلا بد أن كان يملك الكثير من السجايا المحببة. وقد عرف هؤلاء الرجال ذوو البصيرة الثاقبة أنه كان يتنقل من امرأة لأخرى، ومن فكرة لفكرة، تنقل المسافر المستعجل، يخدش سطوحاً كثيرة دون أن ينفذ إلى لباب الأشياء، ودون أن يشعر قط بالروح المرضوضة وراء لحم الضحية. وقد عرف هو أيضاً هذه الحقيقة فقال "أن لي في الحق عقلاً صغيراً مع كل كبريائي، وما أشبه بالوشي على الشاش"(١٢٥). "أن في أفكاري كلها نقصاً، وسطحية، ولست أفهم شيئاً بوضوح، وإلى القاع. فأنا ألتقط الشظايا، ولكني لست أملك في ذاكرتي كتلة كاملة ذات كبر أياً كان"(١٢٦).
ولكن تلك الشظايا وتلك الذاكرة، هي التي كفرت عنه، فقد عوض عن عيوبه بعبادته لذلك التفوق، الذي لم يستطع تحقيقه لنفسه، في الآخرين؛ بملازمتهم في تواضع، يتذكر كلماتهم وأفعالهم، وأخيراً، وببراعة عظيمة، بوصفها في ترتيب وفي ضوء ألفا صورة لا تباري لرجل ولعصر. وليت القناع لا يمزق عنا أبداً-عن أجسادنا وعقولنا، عن شهواتنا الدفينة وغرورنا الذي لا يني-مثل ما أمعن هذا الرجل، نصف التابع الخانع ونصف العبقري، في الكشف عن نفسه للأجيال القادمة.