للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد ثمانية عشر عاماً من الزواج المضني أحس القسيس أن أي إنسان مسيحي حقاً سيسمح له بشيء من الزنا. وقد وقع في غرام كاترين فورمانتيل، وأقسم لها قائلاً "أحبك حب الجنون، وسأظل أحبك إلى الأبد" (٦). واتهمته زوجته بالخيانة، فأنكر التهمة، وأشرفت هي على الجنون حتى عهد بها وبليديا إلى رعاية "طبيب لمجانين"، وواصل علاقته الغرامية.

وفي غمرة هذه الضجة كتب واحداً من أشهر الكتب في الأدب الإنجليزي. وقد رجاه أصدقاؤه الذي قرأوا طرفاً من مخطوطة الكتاب أن يحذف منه "التوريات النابية التي قد تكون مؤذية بحق، خصوصاً لصدورها من قسيس" فحذف نحو ١٥٠ صفحة وهو آسف. ثم أرسل الباقي إلى المطبعة غفلاً من اسمه، ونشر الكتاب في يناير ١٧٦٠ بهذا العنوان، "حياة السيد تراسترام شاندي وآراؤه". وقد بقي في المجلدين من الفضائح والفكاهة الغريبة الطريفة ما جعلها الحدث الأدبي الهام لذلك العام في لندن. وتردد صدى هذه الضجة في فرنيه النائية، فقال فولتير "كتاب مستهتر جداً، وكتاب أصيل، إنهم مجنونون به في إنجلترا" (٧). وقال هيوم "أنه خير ما كتب أي إنجليزي في هذه السنين الثلاثين رغم ما فيه من سوء" (٨). وبيع مائتا نسخة من الكتاب في بحر يومين في يورك، حيث كان اسم المؤلف الحقيقي سراً مذاعاً وحيث تبين القراء الكثير من الأشخاص المحليين في شخوص القصة الكبار.

ومن العسير أن نصف الكتاب، إذ ليس له شكل أو موضوع، ولا رأس ولا ذيل. وعنوانه خدعة، لأن "السيد" الذي يروي القصة، والذي أزمعت أن تعرض "حياته وآراءه" لا يولد إلا في صفحة ٢٠٩ من المجلد الرابع (من الطبعة الأصلية ذات المجلدات التسعة). ومادة القصة هي ما حدث، أو ما قيل، بينما كان يحبل به، وبينما كان ينمو على مهل في بطن أمه. والصفحة الأولى هي خير الصفحات.

"وددت لو أن أبي أو أمي، أو كليهما حقاً، إذ أنهما كانا معاً ملزمين بالأمر الواجب على السواء، أقول وددت لو أنهما فكرا فيما هما فاعلان حين أنجباني، فهل نظرا كما ينبغي أن ينظرا كم من الأمور يتوقف على