للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معرفة خبير، فكتب مذكرات عن حكمي جورج الثاني وجورج الثالث، وهي مذكرات منيرة ولكنها متحيزة، نظر فيها إلى جيله بمنظار أسود لأنه كان حبيس تغرضاته: "وزراء غادرون، وأدعياء للوطنية، وبرلمانات مسايرة، وملوك غير معصومين" (٣٤). "أنني أرى وطني يسير إلى الخراب، وما من إنسان فيه من العقل ما يحمله على إنقاذه" (٣٥) وقد كتب هذا الكلام عام ١٧٦٨، حين كان شاتام قد خلق لتوه الإمبراطورية البريطانية. وبعد أربعة عشر عاماً، حين بدا أن الملك واللورد نورث سيد مرانها، خلص ولبول إلى هذه النتيجة "أننا منحطون انحطاطاً تاماً في كل ناحية، وهذا في ظني حال كل الدول المتهاوية" (٣٦) وبعد جيل هزمت الجزيرة الصغيرة نابليون. وقد بدا النوع الإنساني كله لولبول معرض وحوش "فيه حيوانات قميئة، قصيرة الأجل … مضحكة" (٣٧) ولم يجد في الدين أي عزاء. وقد أيد الكنيسة الرسمية لأنها تساند الحكومة التي تدفع له رواتبه الشرفية ولكنه لم يخف أنه ملحد (٣٨) "بدأت أرى أن الحماقة مادة، ولا يمكن تدميرها. فإذا قضيت على شكلها، اتخذت شكلاً آخر" (٣٩).

وظن في استطاعته العثور على شيء يحفزه في فرنسا (سبتمبر ١٧٦٥). وفتحت له كل الأبواب، فرحبت به مدام دودفان بديلاً عن دالمبير. وكانت في الثامنة والستين، وولبول في الثامنة والأربعين، ولكن فارق السن اختفى حين التقت روحهما المتقاربتان في تبادل رقيق اليأس. وسرها أن تجد ولبول موافقاً على معظم ما قاله فولتير، ولكنه يود لو أحرق حياً ليمنعه من قوله، لأنه كان يرتعد فرقاً حين يفكر فيما يحيق بحكومات أوربا إذا انهارت المسيحية. وقد انتقص من قدر فولتير، ولكنه سخر من روسو. وهذه الرحلة إلى باريس هي التي كتب فيها الخطاب الذي زعم أن كتابه هو فردريك الأكبر، ويدعو روسو للذهاب إلى برلين والاستمتاع بالمزيد من الاضطهادات. "لقد انتشرت النسخ كأنها الحريق، وهأنذا أصبحت موضة سرت في المجتمع" (٤٠) وقد خلف هيوم شخصية تتهافت عليها الصالونات. وتعلم أن يحب إثارة باريس المرحة القاسية، ولكن كان عزاء له أن يجد "الفرنسيين أحقر منا نحن (الإنجليز) عشر مرات" (٤١).