على السواء، وأبطل قبول جبون للتنوير سراً الانتصار الذي أحرزه بافيار للإصلاح البروتستانتي.
ولا بد أن روحه انتشت حين التقى في العام نفسه (١٧٥٧) بكل من فولتير وسوزان كورشو؛ وكانت في العشرين، شقراء، حسناء، مرحة، تعيش مع أبويها البروتستانتيين في كراسي، على أربعة أميال من لوزان، وكانت الروح القائدة في "جماعة الربيع"- وهي لفيف من خمسة عشرة شابة أو عشرين يلتقين في بيوت بعضهن البعض، ويغنين، ويرقصن، ويمثلن الكوميديات، ويغازلن الشباب في حكمة وتعقل. ويؤكد لنا جبون أن "عفتهن لن تلوثها قط همسة فضيحة أو شبة". ولندعه يروي القصة:"في زيارتها القصيرة لبعض أقربائها في لوزان كان ظرف الآنسة كورسو، جمالها، وسعة علمها، محل إعجاب الجميع. وقد أثار فضولي نبأ هذه العجيبة. فرأيت، وأحببت. ووجدتها مثقفة دون تنطع، مرحة في حديثها، نقية في عاطفتها، وشيقة في طباعها … وكانت ثروتها متواضعة، ولكن أسرتها محترمة … وقد أذنت لي بأن أزورها مرتين أو ثلاثاً في بيت أبيها. وأنفقت أياماً سعيدة هناك … وقد شجع والدها هذه الصلة تشجيعاً كريماً فأشبعت حلمي بالسعادة العظمى"(٥٤).
ويبدو أن خطبتهما عقدت رسمياً في نوفمبر ١٧٥٧ (٥٥)، ولكن موافقة سوزان كانت مشروطة بوعد جبون بالعيش في سويسرا (٥٦). وفي غضون هذا أمر أبوه- الواثق بأن ابنه غدا الآن بروتستانتياً صالحاً- بأن يعود إلى وطنه ويستمع إلى الخطط التي وضعت له. ولم يكن جبون حريصاً على العودة، لأن أباه كان قد اتخذ زوجة ثانية، ولكنه أطاع، ووصل لندن في ٥ مايو ١٧٥٨؟ "وسرعان ما تبينت أن أبي يرفض هذا الزواج الغريب، وأنني سأكون مملقاً عاجزاً إذا أبى الموافقة. وبعد كفاح أليم أذعنت لإرادة أبي: تنهدت كعاشق وأطعت كإبن"(٥٧). ثم نقل تنهده إلى سوزان برسالة كتبها في ٢٤ أغسطس. ورتب له أبوه راتباً سنوياً قدره ٣٠٠ جنيه. وكسبت زوج أمه عرفانه بصنيعها لأنها لم تنجب، ولم يلبث أن نمت