للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استقال من البرلمان، وباع كل ممتلكاته المنقولة غير الشخصية، فيما خلا مكتبته، وفي ١٥ سبتمبر ١٧٨٣ رحل عن لندن "بدخانها وثرائها وضوضائها" قاصداً لوزان. وهناك قاسم صديقه القديم جورج ديفران قصراً مريحاً. وأنا أشرف على منظر مترام يجمع بين الوادي والجبل والماء، وبدلاً من الإطلال على حوش مبلط مساحته اثنا عشر قدماً مربعاً" (٩٦). ووصلته كتبه الألفان بعد أن تأخرت قليلاً، فشرع في تأليف المجلد الرابع.

وكان قد خطط أول الأمر أن ينهي "الاضمحلال والسقوط" بفتح روما عام ٤٧٦. ولكنه بعد أن نشر المجلد الثالث "بدأت أتوق إلى الواجب اليومي، إلى البحث النشيط الذي يسبغ على كل كتاب قيمة، وعلى كل تحقيق هدفاً" (٩٧). ومن ثم استقر رأيه على أن يفسر عبارة "الإمبراطورية الرومانية: على أنها تنتظم الإمبراطورية الشرقية كما تنتظم الغربية، وأن يواصل قصته حتى يبلغ بها تدمير الحكم البيزنطي بفتح الأتراك للقسطنطينية عام ١٤٥٣. وهكذا أضاف ألف سنة إلى مجال دراسته، واضطلع بمئات المواضيع الجديدة التي تتطلب البحث الشاق المضني.

وقد احتوى المجلد الرابع على فصول رائعة عن جستنيان وبلساريوس، وفصل عن القانون الروماني ظفر بمديح عظيم من فقهاء القانون، وفصل ممل عن مزيد من الحروب التي استعرت بين اللاهوتيين المسيحيين. وكتب ولبول يقول: "ليت المستر جبون لم يسمع قط بالمونوفيزيين (القائلين بطبيعة المسيح الواحدة) أو النساطرة أو أي من هؤلاء الحمقى! " (٩٨). وقد تحول جبون في المجلد الخامس في تخفيف واضح إلى ظهور محمد (صلى الله عليه وسلم) وفتح العرب للإمبراطورية الرومانية الشرقية، وأغدق على النبي والخلفاء الحربيين كل التفهم المحايد الذي خانه في حديثه عن المسيحية. وأعطته الحروب الصليبية موضوعاً مثيراً آخر في المجلد السادس، وكان استيلاء محمد الفاتح على القسطنطينية الذروة لمؤلفه والتاج الذي كلل عمله.

وقد لخص جهوده في الفصل الأخير في جملة مشهورة: "لقد وصفت