أوربا" (١٠٧). وفي ١٣ يونيو ١٧٨٨، خلال محاكمة هيستنجز في وستمنستر هول، طاب لجبون أن يسمع من شرفة الزوار شريدان يشير في خطاب من أروع خطبه إلى "صفحات جبون الوضاءة" ( Luminous) (١٠٨) . وفي رواية غير محتملة التصديق أن شريدان زعم فيما بعد أنه قال ( Voluminous) أي غزيرة الإنتاج (١٠٩)، ولكنها صفة لا يمكن أن تنعت بها الصفحات، والصفة الأولى هي ولا ريب اللفظ المطابق لمقتضى الحال.
وفي يوليو ١٧٨٨ قفل جبون إلى لوزان. وبعد عام مات ديفرادن مخلفاً بيته لجبون ما بقي من عمر المؤرخ. هنالك عاش جبون في رغد، يقوم على خدمته عدة خدم ويأتيه دخل قدره ١. ٢٠٠ جنيه في العام، وشرب النبيذ الكثير، وزاد نقرسه ومحيط خصره، "من ٩ فبراير إلى أول يوليو ١٧٩٠ عجزت عن التحرك من بيتي أو مقعدي"(١١٠). إلى هذه الحقبة التي تنتمي الأسطورة التي زعمت أنه جثا عند قدمي مدام كروزاز يبوح لها بحبه، وأنها طلبت إليه أن ينهض، وأنه لم يستطع لثقل جسمه (١١١). والمصدر الوحيد للقصة هو مدام جفليس التي وصفها سانت- بوف بأنها "امرأة خبيثة اللسان"(١١٢)؛ وقد رفضت ابنتها القصة وقالت أن سببها هو الخلط بين الأشخاص" (١١٣).
ثم قطعت الثورة الفرنسية على جبون هدوءه. وترددت المشاعر الثورية في الأقاليم السويسرية، وجاءت الأنباء بهياج مماثل في إنجلترا. وكان لجبون كل العذر في خوفه من أن تسقط الملكية الفرنسية، لأنه كان يستثمر ١. ٣٠٠ جنيه في قرض للحكومة الفرنسية (١١٤). وكان قد كتب عام ١٧٨٨، في نبوءة لم يوفق فيها، أن الملكية الفرنسية "تقف، كما يبدو، على أساس من صخر الزمن، والقوة، والرأى، تساندها أرستقراطية ثلاثية من الكنيسة والنبلاء والبرلمانات" (١١٥)، وقد اغتبط حين أصدر بيرك كتابه "تأملات في الثورة في فرنسا" (١٧٩٠)، وكتب إلى اللورد شفيلد محذراً من أي إصلاح في النظام السياسي البريطاني، "ولو سمحتم بأدنى تغيير وأكثره تمويهاً في نظامنا البرلماني لقضي عليكم" (١١٦). وراح الآن