للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصائد تشاترتن، وقصائد ولبول "قلعة أوترنتو" و "ستروبري هل"، وقصيدتا بكفورد "فاذك" و "فونتل آبي"-هذه كلها كانت أصواتاً شتى في صيحة تدعو للوجدان والغموض والرومانس، وتملكت العصور الوسطى الروح العصرية برهة.

وقد بدأ توماس تشاترتن محاولته لتشرب العصر الوسيط بإطالة النظر في رقاق عتيقة عثر عليها عمه في كنيسة بيرستل. وقد شب هذا الغلام الحساس الخصب الخيال-الذي ولد ببرستل (١٧٥٢) عقب موت أبيه-في عالم من صنع خيالاته التاريخية. وقد درس قاموساً للألفاظ الأنجلو-سكسونية، ونظم في لغة خالها لغة القرن الخامس عشر قصائد ادعى أنه عثر عليها في كنيسة سانت ماري راد كليف، ونسبها إلى توماس راولي، وهو راهب وهمي من رهبان القرن الخامس عشر. وفي ١٧٦٩، حين بلغ السابعة عشرة، أرسل بعض "قصائد راولي" هذه إلى هوراس ولبول-الذي كان هو ذاته قد نشر "أوترانتو" زاعماً أنها من شعر العصر الوسيط الأصيل قبل ذلك بخمس سنوات. وأطرى ولبول القصائد ودعا لإرسال المزيد منها، فأرسل تشاترتن المزيد، وطلب العون على إيجاد ناشر ينشرها، ووظيفة مجزية في لندن. وعرض ولبول القصائد على توماس جراي، ووليم ميسن، فحكم كلاهما عليها بأنها مزيفة. وكتب ولبول إلى تشاترتن أن هذين الأديبين "غير مقتنعين إطلاقاً بصحة مخطوطه المزعوم" ونصحه بأن يطرح الشعر جانباً حتى يستطيع كسب قوته. ثم رحل ولبول إلى باريس ونسي أي يرد القصائد لصاحبها. وكتب تشاترتن في طلبها ثلاث مرات، وانقضت ثلاثة أشهر قبل أن تصله (١٤٠).

وذهب الشاعر إلى لندن (إبريل ١٧٧٠) وسطن علية في شارع بروك بهوبورن. وأرسل إلى دوريات شتى مقالات منحازة لولكس، وبعض قصائد راولي، ولكن حصيلة الأجر الذي تلقاه عنها (ثمانية عشر بنساً للقصيدة) كانت أقل من أن تقيم أوده، فحاول الحصول على وظيفة مساعد جراح على باخرة تجارية أفريقية ولكنه أخفق-وفي ٢٧ أغسطس نظم وداعاً مراً للعالم: