منها بتشريح الحيوان الحي، وشهر آخر بسجون المدينين. ورثى المقال رقم ٥ لانفصال الجند عن زوجاتهم، واقترح تأليف فرق من " الفارسات الخفاف" يقمن بأعمال التموين والتمريض، ويرحن أزواجهن فيما عدا هذا.
وفي يناير ١٧٥٩ بلغه أن أمه ذات التسعين، التي لم يرها منذ اثنين وعشرين عاماً، مشرفة على الموت. فاقترض نقوداً من طابع، وبعث إليها بستة جنيهات في رسالة رقيقة. ووافاها الأجل في ٢٣ يناير. ولكي يغطي نفقات جنازتها وديونها كتب في أمسيات أسبوع واحد (في رواية رينولدز)"تاريخ راسيلاس أمير الحبشة" وأرسله إلى الطابع جزءاً فجزءاً، ونقد عنه مائة جنيه. فلما نشر في أبريل رحب به النقاد أثراً من عيون الأدب، وقارنوا بينه وبين قصة فولتير "كانديد" التي صدرت في الوقت نفسه تقريباً وعالجت المشكلة ذاتها: أيمكن أن تأتي الحياة بالسعادة؟ أما جونسن فلم يؤخر الجواب، "يا من تستمعون وأحلام الأمل تراودكم، وتتوقعون أن تحقق الشيخوخة وعود الشباب، وأن الغد سيعوض عن نقائص اليوم، انتبهوا لتاريخ راسيلاس"(٣٧).
يقول جونسن أنه كان من عادة الملوك الأحباش أن يلزموا وريث العرش وادياً طيباً خصباً يأتي الوقت لاعتلائه العرش. وكان يزود بكل شيء: بقصر، وطعام طيب، وحيوانات مدلله، ورفاق أذكياء. ولكن راسيلاس يزهد في هذه المباهج حين بلغ السادسة والعشرين. فهو لا يفتقد الحرية فحسب بل الكفاح أيضاً. "سأكون سعيداً لو كان أمامي هدف أسعى نحوه". فيطيل الفكر في كيفية الهروب من هذا الوادي المطمئن ليرى كيف يسعى غيره من الرجال إلى السعادة وكيف يجدونها.
ويقترح ميكانيكي حاذق أن يبني آلة طائرة تحلق بهما فوق الجبال المحيط إلى الحرية. ويشرح فكرته هكذا:
"أن الذي يستطيع السباحة يجب ألا ييأس من إمكان الطيران، فالسباحة طيران في سائل أكثف، والطيران سباحة في عنصر أخف. وما علينا إلا أن نحقق التناسب بين قوة مقاومتنا وكثافة المادة المختلفة التي نخترقها. فسيحملك الهواء بالضرورة إذا استطعت تحديد أي دفع يدفعه بأسرع مما