يستطيع الهواء أن يتراجع من الضغط .. وسيكون جهد الارتفاع عن الأرض شديداً .. ولكننا كلما ارتفعنا قلت جاذبية الأرض وثقل الجسم تدريجياً حتى نبلغ منطقة يطفو فيها الإنسان في الهواء دون أي ميل للسقوط".
ويشجع راسيلاس الميكانيكي، فيوافق على صنع طائرة، "ولكن بشرط، وهو ألا يفشي سر هذه الصنعة، وألا تلزمني بأن أصنع أجنحة لسوانا". ويسأله الأمير "ولم تضمن على غيرك بمثل هذه الفائدة الكبرى؟ " ويجب الميكانيكي "لو كان الناس كلهم لعلمتهم بغاية الخفة أن يطيروا. ولكن أي ضمان للأخيار إذا كان في استطاعة الأشرار إن شاءوا أن يغزوهم من الجو؟ " ثم يصنع طائرة، ويحاول الطيران، فيسقط في بحيرة ينقذه منها الأمير (٣٨).
ويؤثر راسيلاس التحدث إلى الفيلسوف إيملاك، الذي شهد كثيراً من الأقطار والناس. ويجدان كهفاً يفضي إلى ممر يؤدي إلى العالم الخارجي، ويهربان من فردوسهما مع أخت الأمير نكاياه وخادمتها. ثم يزورون القاهرة وقد تزودوا بالحلي عملة عالمية، ويشاركون في ملاهيها ثم يملونها. ويستمعون إلى فيلسوف رواقي يتحدث عن قهر الشهوات، وبعد أيام يعثرون عليه وقد برح به الحزن على موت أبنته. وإذ كانوا قد قرءوا الشعر الرعوي فقد افترضوا أن رعاة الغنم لا بد سعداء، ولكنهم اكتشفوا أن هؤلاء الرجال "تقرحت سخطاً" و "حقداً وضغينة على من هم أعلى منهم مكانة" (٣٩). ثم يقعون على ناسك، فيتبينون أنه يتوق سراً إلى مباهج المدينة. ويستفسرون عن سعادة الحياة البيتية، فيجدون كل بيت قد خيم عليه الظلام الشقاق و "الصدام القاسي بين الرغبات المتعارضة" (٤٠). ويرتادون الأهرام ويحكمون عليها بأنها قمة الحماقة. ويسمعون عن الحياة السعيدة التي يحياها الدارسون والعلماء، فيلتقون بفلكي مشهور، يخبرهم أن "الأمانة بغير المعرفة ضعيفة عديمة الجدوى، والمعرفة بغير الأمانة خطرة رهيبة" (٤١)، ولكن الفلكي يجن. وينتهون إلى أنه ما من طريق من طرق الحياة على الأرض يقضي إلى السعادة، ثم يعزيهم إيملاك بحديث عن خلود النفس، ويعتزمون