العودة إلى الحبشة والرضى بتقلبات الحياة في هدوء تحدوهم الثقة في قيامة سعيدة.
وهي قصة قديمة تجسدت في صورة من أبدع صورها. ويدهشنا ذلك التدفق الجميل والوضوح الذي يتميز به الأسلوب، الذي بعد كل البعد عن الألفاظ الثقيلة التي نجدها في مقالات جونسن بل حتى في حديثه. وبدا مستحيلاً أن يكون المعجمي المتفقه هو كاتب هذه القصة البسيطة، وانه مما لا يصدق أن يكون قد كتب هذه الصفحات التي بلغت ١٤١ في سبعة أيام.
وكان أثناء ذلك قد انتقل من جف سكوير إلى ستيبل إن (٢٣ مارس ١٧٥٩)؛ وستراه بعد قليل وقد انتقل إلى جرييز إن، ثم إلى الأنر تمبل لين. والراجح أن هذه التنقلات كان دافعها الاقتصاد في النفقة. ولكن في يوليو ١٧٦٢ رفع جونسن فجأة إلى حالة من الثراء النسبي بفضل معاش سنوي قدره ٣٠٠ جنيه نفحه به جورج الثالث بناء على نصيحة اللورد بيوت. أما السبب في أن هذه المنحة كانت من نصيب رجل كان قد عارض الأسرة الهانوفرية في إصرر، وسخر من الإسكتلنديين في كل مناسبة، ووصف المعاش بأنه "أجر يدفع لأجير للدولة نظير خيانته لوطنه"، -هذا السبب دار حوله الكثير من قصص الأسرار. فاتهمه أعداؤه بأنه يؤثر المال على المبدأ، وزعموا أن بيوت كان يبحث عن قلم جبار يرد على ولكس، وتشرشل، وغيرهما ممن كانوا يشوهون سمعته بكتاباتهم. وزعم جونسن أنه قبل المعاش على أساس صريح أكده بيوت مرتين، هو ألا يطلب إليه أن يؤيد الحكومة بقلمه (٤٢). وقد أسر إلى بوزويل بأن "لذة لعن بيت هانوفر، وشرب نخب الملك جيمس، ترجحها المئات الثلاث من الجنيهات في العام رجحاناً كبيراً"(٤٣). على أي حال فقد استحق المعاش أضعافاً مضاعفة، لا عن الكراسات السياسية التي كتبها في السنين اللاحقة، بقدر استحقاقه إياه عن إثرائه الأدب الإنجليزي بالقلم والحديث وبالحكمة والنكتة المطهرة.