للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان له من الأصدقاء عدد يكفي لتشتيت الأعداء. يقول "أن الصداقة هي الشراب المنعش الذي يعين على ابتلاع جرعة الحياة المقززة" (٤٤). وكان في كل محفل تقريباً من المحافل التي يختلف إليها يصبح محور الحديث، لا لأنه شق طريقه بالقوة إليه، بل لسبب أهم هو أنه كان أعظم شخصية متفردة في حلقات لندن الأدبية، وكان في استطاعة سامعيه أن يثقوا بأنه سيقول شيئاً كلما تكلم. ورينولدز هو الذي اقترح تأليف "النادي" الذي سماه بوزويل فيما بعد "النادي الأدبي"، وأيد جونسن الاقتراح، وفي ١٦ أبريل ١٧٦٤ بدأت الجماعة الجديدة لقاءاتها في أمسيات الإثنين بحانة "تيركس هد" في شارع جرارد بحي سوهو، أما الأعضاء الأصليون فهم رينولدز، وجونسن، وبيرك، وجولدسمث، وكرستوفر نجنت، وتبهام بوكلرك، وبنيت لانتجن، وانتوني كامين، والسر جون هوكنز. وأضيف إلى هؤلاء فيما بعد آخرون بتصويت الأعضاء: جبون، وجاريك، وشريدان، وفوكس، وآدم سمث، ودكتور بيرني …

ولم يظفر بوزويل بالعضوية إلا في ١٧٧٣، وقد يكون بعض السبب أنه لم يكن يفد على لندن إلا لماماً. ولم ينفق خلال السنين الإحدى والعشرين. بين التقائه بجونسن ووفاة جونسن، أكثر من عامين وبضعة أسابيع على قرب من معبوده. وكان في حرارة إعجابه التي لم يخفها، وفي علم جونسن بأن بوزويل يخطط لكتابة سيرته، ما جعل أكبر الرجلين يغفر ما أبداه الاسكتلندي من مسلك يقرب من العبادة المتملقة. والمتكلم المجيد للكلام، والمستمع المجيد للاستماع، يؤلفان صاحبين سعيدين. ولم يكن جونسن شديد الاحترام لعقلية بوزويل. فحين قال "بوزي"، كما كان يلقبه، أن النبيذ الذي شربه أثناء حديثهما أصابه بالصداع، وقال جونسن مصححاً: لا يا سيدي، ليس النبيذ هو الذي صدع رأسك، بل المعنى الذي وضعته أنا فيه". وقال بوزويل متعجباً "ماذا يا سيدي! وهل يصدع المعنى الرأس؟ " "نعم يا سيدي، إذا لم يكن معتاداً عليه" (٤٥). (وفي "السيرة" فقرات يبدو فيها بوزويل يتكلم كلاماً معقولاً عن كلام جونسن). وفي معرض الثناء على ملحمة بوب عن المغفلين (الدنسياده) لا حظ جونسن أنها خلعت على بعض المغفلين ذكراً خالداً، ثم واصل نكتته: "لقد كانت