الغفلة يومها أمراً جديراً بالاهتمام .. آه، يا سيدي، لو إنك عشت في تلك الأيام! " (٤٦). ولكن الدب الشائخ لم يلبث أن تعلم أن يحب شبله، فقال له في ١٧٦٣ (٤٧) "قليل من الناس من آنس إليه أنسى إليك". وقال بوزويل لم يغادر قط بيتاً دون أن يترك فيه رغبة في عودته"(٤٨). وفي ١٧٧٥ أعطى بوزويل حجرة في مسكن جونسن لينام فيها حين يمتد بهما الحديث إلى ساعة متأخرة من الليل (٤٩).
وفي ٣١ مارس ١٧٧٢ كتب في يوميته:"إني مصمم على كتابة سيرة المستر جونسن. وأنا لم أخبره بنيتي بعد، ولا أدري إن كان من واجبي أن أفعل". ولكن جونسن علم بالأمر في أبريل ١٧٧٣ إن لم يكن قبله (٥٠). وعلم غيره به. وغاظتهم طريقة بوزويل في إثارة مسائل جدلية بقصد واضح هو جر رجل الأديب العجوز والظفر بدرة جديدة للسيرة. وافتخر الاسكتلندي الفضولي بأن "النبع كان أحياناً يسد حتى أفتح صنبوره"(٥١) ولعل جونسن الذي نعرفه ونستطيبه ما كان ليتجلى قط لولا أن حفزته إثارة بوزويل المفرطة ومطاردته التي لا يعتريها الكلل. وشتان بين جونسن هذا وجونسن الذي نجده في "السيرة" التي ألفها هوكنز، أو حتى في "النوادر" الرشيقة التي كتبتها مسز ثريل!.
ويناير ١٧٦٥ هو تاريخ بداية صله جونسن بأسرة ثريل، وهي صلة لعبت في حياته دوراً أكبر من صداقته لبوزويل. وكان هنري ثريل صانع جعة، وإبناً لصانع جعة، أصاب حظاً طيباً من التعليم وجاب الأقطار، ولم يكن يؤمن أن يشرف وضعه الاجتماعي بانتخابه عضواً في البرلمان. وفي ١٧٦٣ تزوج هستر لنسن سولزبري، وكانت فتاة ولزية لا يتجاوز طولها خمسة أقدام ولكنه مريحة ذكية. واستغرق هنري في عمله وهو يكبرها بأثني عشر عاماً، ولكنه بذل لها من الاهتمام ما كفى لجعلها تحبل كل سنة بين ١٧٦٤ و١٧٧٨، ولنقل عدوى مرضه السري إليها (٥٢). وولدت له اثني عشر طفلاً مات منهم ثمانية في طفولتهم وراحت تسري عن نفسها بالأدب، فلما جاء زوجها إلى البيت بصموئيل جونسن الذائع الصيت، سخرت كل فنون الأنثى وملاطفاتها لتربطه بالأسرة. وسرعان ما اعتاد أن