وقد قال لبوزويل "إن الملابس الجميلة لا قيمة لها إلا من حيث سدها النقص في غيرها من وسائل جلب الاحترام للابسها"(٥٨). ولم يكن يعبأ كثيراً بالنظافة الشخصية إلى أن نزل ضيفاً على آل ثريل.
وكان يأكل بشراهة ليملأ فراغ جوفه الكبير، وربما لأنه لم ينس سنوات الجوع. وقال بوزويل:
"لم أعرف قط رجلاً أكثر منه تلذذاً بالأكل الطيب. كان إذا جلس إلى المائدة استغرقته مهمة اللحظة استغراقاً تاماً، فبدت نظراته وكأنها سمرت على طبقه. وما كان ليفوه بكلمة واحدة، ولا ليبدي أقل انتباه لما يقوله غيره-إلا أن يكون في صحبة قوم رفيعي المقام جداً-حتى يشبع شهيته التي كانت شديدة الضراوة حتى … لتنتفخ لها عروق جبينه عادة ويتفصد عرقاً غزيراً ملحوظاً للناظرين (٥٩).
وكان يأكل السمك بأصابعه، "لأنني أشكو قصر النظر، وأخشى شوك السمك" (٦٠). ولم يكن يطيق منظر الخضر. وكان في الأيام التي تتعاظم فيها شهيته للطعام "يحب أن ينعش نفسه بالخمر، ولكنه لم يسكر قط غير مرة واحدة" (٦١). وحين نددت المسز وليمز بالسكر قائلة "إني لأعجب أي لذة يمكن أن يحس بها الرجال في أن يجعلوا من أنفسهم حيوانات؟ " أجاب على الفور "إني لأعجب يا سيدتي أنك لا تملكين من نفاذ البصيرة ما ترين به الإغراء القوي لهذا الإفراط في الشراب، ولأن من يجعل نفسه حيواناً يتخلص من الألم الذي يصيبه من كونه إنساناً" (٦٢). ولكن السكر في رأيه "لا يعين على الارتقاء بالحديث مع الناس، فهو يغير العقل حتى ليسر المخمور بأي حديث" (٦٣). ثم تجنب كل ألوان المسكر في أخريات حياته، وقنع بالكاكاو، وعصير الليمون، وأقداح الشاي التي لا حصر لها. ولم يدخن قط، "إنه لأمر رهيب أن ننفث الدخان من أفواهنا في أفواه غيرنا من الناس وفي عيونهم وأنوفهم، وأن يفعل الناس بنا هذا الشيء ذاته". وعلل عادة التدخين بأنها "تحفظ العقل من الخواء التام" (٦٤).
وكانت عادته الفظة من جهة أثراً خلفته الأيام والليالي التي قضاها في قاع المجتمع، ومن جهة نتيجة للمثيرات البدنية والمخاوف العقلية. لقد كان