قوياً، فخوراً بقوته، استطاع أن يصرع كتيباً دون أن يخشى رده للثأر لنفسه، وأن ينتزع من مكانه رجلاً جرؤ على احتلال كرسي أخلاه جونسن مؤقتاً ويطرحه جانباً؛ وقد امتطى جواداً وصاحب ثريل في رحلة صيد للثعالب عبر الريف امتدت خمسين ميلاً. ولكنه وجد مشقة في حمل بدنه الثقيل. "حين كان يسير في الشوارع، كان يبدو لدوران رأسه المتصل وما رافقه من حركة بدنه كأنه يشق طريقه بتلك الحركة مستقلاً عن قدميه"(٦٥). فإذا ركب "لم يملك زمام جواده ولا توجيهه حيث يشاء، بل كان يحمل وكأنه في بللون"(٦٦).
وبعد ١٧٧٦ كان يعاني من الربو والنقرس والاستسقاء. ولا بد أن هذه الأمراض وغيرها من أوصاب البدن زادت مزاجه السوداوي حدة، وكان أحياناً يصيبه بغم شديد حتى "أنني لأرضى بأن يبتر مني عضو استرد بعدها مرحي"(٦٧) ولم يكن ليؤمن بأن بين الناس إنساناً سعيداً، ومرة قال عن رجل زعم أنه سعيد "هذا كله هراء، أن الكلب يعرف أنه تعس طوال الوقت"(٦٨).
وبعد أن أخبره طبيب بأن الوهم المرضي يفضي أحياناً إلى الجنون، خاف أن يلتاث عقله يوماً ما (٦٩). وقد أجرى هذه العبارة على لسان إيملاك في قصة "راسيلاس"، "أن أبشع الشكوك وأكثرها إزعاجاً في حالتنا الراهنة هو الشك في احتفاظنا بسلامة عقولنا"(٧٠).
وإذا كان يشكو قصراً في بصره فإنه لم يجد لذة تذكر في تأمل جمال النساء أو الطبيعة أو الفن (٧١). وكان رأيه في النحت أن الناس غالوا في تقديره، "أن قيمة النحت ترجع إلى صعوبته. فأنت لا تقدر أبدع رأس نحت فوق جزره. "(٧٢). وقد حاول أن يتعلم العزف "ولكنني لم أفلح قط في إخراج نغمة". وسأل مرة "قل لي بربك يا سيدي من يكون باخ هذا؟ أزمار هو؟ "(٧٣) -مشيراً إلى يوهان كرستيان باخ، وكان يومها (١٧٧١) أشهر عازف على البيان في إنجلترا. وأحس أن الموسيقى تفسدها الحركات البهلوانية على الأصابع. ومرة سمع بأن عازف كمان نال ثناء الناس لأن