أكثر الناس "يطيقونه بصبر نافد ويرحلون عنه كارهين"(٩٤). وحين سألته الليدي مكليود "أليس هناك إنسان صالح بطبعه؟ " أجاب "بلى يا سيدتي، ليس أكثر صلاحاً من الذئب"(٩٥). "واضح أن الناس … فاسدون فساداً لا تكفي معه كل قوانين السماء والأرض لكفهم عن الجرائم … (٩٦) والناس يكرهون بأقوى مما يحبون، وإذا كنت قد قلت شيئاً لأوجع إنساناً مرة، فلن أفسد هذا بقول أشياء كثيرة لأسرة"(٩٧).
وقلما كان يناقش الاقتصاد. وقد ندد باستغلال شعوب المستعمرات (٩٨)، وأدان الرق بشدة؛ ومرة أذهل بعض الأساتذة باقتراحه شرب نخب في صحة "ثورة الزنوج في جزر الهند الغربية"(٩٩). ولكنه ذهب إلى أن "زيادة أجور العمال اليوميين خطأ، لأنها لا تعينهم على عيش أفضل، إنما (في رأي "المتبطل") تجعلهم أكثر كسلاً، والكسل مفسدة للطبيعة البشرية"(١٠٠). وكان كبلاكستون يؤمن بقداسة حقوق الملكية، وكنقيضه فولتير يدافع عن الترف لأنه يتيح عملاً للفقراء بدلاً من إفسادهم بالصدقات (١٠١). وقد سبق آدم سمث في الدعوة للمشروعات الحرة (١٠٢)، ولكن تكاثر التجار كان يثيره. "أخشى ألا تتيح زيادة التجارة، والصراع المتصل على الثروة الذي تثيره التجارة، أي أمل في نهاية نتوقعها سريعاً للخداع والغش … أن العنف يخلي مكانه للمكر"(١٠٣). ولم يتظاهر قط باحتقار المال بعد أن عانى من الفاقة، وقال "إن أحداً من الناس لم يكتب قط إلا طلباً للمال، اللهم إلا إذا كان أحمق"(١٠٤) - وفي هذا الرأي بخس لغرور الإنسان.
وقد أحس أننا نغالي في أهمية السياسة (ولنذكر الأبيات التي أضافها لقصيدة جولد سمث "الرحالة") لست أبالي مثقال ذرة أن أعيش في ظل شكل دون آخر من أشكال الحكومة" (١٠٥)، وإذن "فمعظم خطط الإصلاح السياسي أشياء مضحكة جداً" (١٠٦)، ومع ذلك سخط على "كلاب الهويجز"، واقتضى رضاه عن الهانوفريين منحه معاشاً. ووصف الوطنية بأنها "آخر ملاذ يحتمي به الأوغاد" (١٠٧). ولكنه دافع بحرارة الوطنيين الغيورين عن حق بريطانيا في جزر فوكلند (١٧٧١). وكان يحس باحتقار للاسكتلنديين والفرنسيين يكاد يكون شوفينياً.