وكان السباق، في ١٧٦٣، في الدفاع عن النزعة المحافظة قبل بيرك "أن التجربة البشرية، التي تناقض النظرية باستمرار، هي المحك الأعظم للحقيقة. وإن نظاماً قام على كشوف عدد كبير من العقول لهو دائماً أقوى مما يتمحض عنه تفكير عقل واحد"(١٠٨). وبعد عام ١٧٦٢ كان قانعاً تماماً بالوضع الراهن، وأثنى على الحكومة البريطانية لأنها "أدنى إلى الكمال من أي شيء عرفناه بالتجربة أو وعاه التاريخ"(١٠٩). وأعجب بالأرستقراطية والفوارق والامتيازات الطبقية باعتبارها ضرورية للنظام الاجتماعي والتشريع الحصيف (١١٠). "إنني صديق للطاعة، فهي جد مفضية إلى سعادة المجتمع … والخضوع واجب الجهال، والقناعة فضيلة للفقراء"(١١١). وأحزنه كما يحزن كل جيل:
"أن الطاعة إنهارت بشكل مؤسف في هذا العصر. فما من رجل له اليوم السلطة التي كانت لأبيه-إلا السجان. وما من سيد يملكها على خدمه؛ وقد تقلصت في كلياتنا، أجل، بل في مدارسنا الثانوية. ولهذا أسباب كثيرة، أهمها في رأيي تكاثر المال تكاثراً شديداً .. فالذهب والفضة يدمران الطاعة الاقتصادية. ولكن هناك إلى هذا تراخ عام في الاحترام. فلم يعد ابن يعتمد على أبيه الآن كما كانت الحال فيما مضى … وأملي أن يتمخض هذا التراخي الشديد عن إحكام الزمام كما تتمخض الفوضى عن الطغيان"(١١٢).
وحكم جونسن من واقع تأمله لجماهير لندن بأن الديموقراطية ستكون وبالاً. وسخر من الحرية والمساواة باعتبارهما شعارات غير عملية (١١٣). "ليس صحيحاً على الإطلاق أن الناس متساوون بالطبيعة، فما من شخصين يجتمعان معاً نصف ساعة إلا اكتسب أحدهما تفوقاً واضحاً على الآخر"(١١٤). وفي ١٧٧٠ كتب كراسة عنوانها "الإنذار الكاذب"، أدان فيها الراديكالية وبرر إقصاء ولكس عن البرلمان.
وفي كراسة أخرى عنوانها "الوطني"(١٧٧٤) جدد جونسن هجومه على ولكس، وانتقل إلى ما وصفه بوزويل بأنه "محاولة التسليم غير المشروط على إخواننا الرعايا في أمريكا"(١١٥). وكان جونسن قد