للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجيش من كانتون إلى الشمال تحت إمرة "جيانج كاي- شك" أمين سر صون يات- صن السابق، ويقوده عملياً المستشار الروسي برودين يخضع بلدة في إثر بلدة حتى استقر أخيراً في بيكين (١). ولكن المنتصرين انقسموا على أنفسهم في ساعة النصر فخرج جيان كاي- شك على الحركة الشيوعية وأقام دكتاتورية عسكرية إجابة لرغبات رجال الأعمال والمال (٢).

إن الأمم كالأفراد من العسير عليها إلا تفيد من مصائب جيرانها. ومصداق ذلك أن اليابان، التي كان يبغي صون يات- صن أن تكون صديقة الصين وحليفتها على الأمم الغربية، والتي شجعت الثورة الصينية بنجاحها السريع في السير على النظم الأوربية في الصناعة والسياسة والحرب، نقول إن اليابان وجدت في الفوضى التي تردت فيها معلمتها القديمة فرصة سانحة لحل المشكلة التي أثارها نجاحها هي وتقدمها السريع. ذلك أن اليابان لم يكن في وسعها أن تحد من عدد سكانها دون أن تعرض سلامتها للخطر الشديد بعجزها عن صد من تحدثه نفسه بالإغارة عليها؛ ولم يكن في وسعها كذلك أن تكون سكانها المتزايدين إلا إذا زادت مواردها بتشجيع الصناعة والتجارة؛ وليس في وسعها أن تشجع الصناعة والتجارة من غير أن تستورد الحديد والفحم وغيرهما من المواد الأولية التي لا تجدها في بلادها، وليس في وسعها أن تنمي تجارتها وأن تفيد منها أكبر فائدة دون أن يكون لها نصيب موفور في السوق العظيمة الوحيدة التي لا تزال خارجة عن نطاق الاستعمار الأوربي الذي شمل الكرة الأرضية كلها. وكانت الصين


(١) وتغير اسم تلك المدينة من ذلك الوقت فسميت بيبنج أي الشمال المهدأ بدل بيكنج (العاصمة الشمالية)، واتخذت الحكومة الوطنية مقرها في نانكنج (العاصمة الجنوبية) لتكون قريبة من مواردها المالية في شنغهاي.
(٢) أما الحوادث التي تلت هذا فلا تزال ماثلة في الأذهان، فقد اندلعت نار الحرب العالمية الثانية، وهزمت اليابان، وزحف الشيوعيون بجيوشهم على الجنوب تعاونهم روسيا السوفيتية وانتصروا على جيان كاي- شك، وهزموا جيوش الحكومة الوطنية، ولم تستقر الأمور حتى كتابة هذه السطور. (المترجم)