وكان غلاماً عليلاً، جباناً خجولاً، ولكنه اكتسب الصحة والعافية بفضل سنوات الحياة الريفية والطعام البسيط. وكان كأبيه فيه من الطيبة أكثر مما فيه من الذكاء. وكان يحسد أخوته على ذكائهم المتفوق، وكانوا يتجاهلون تماماً كبر سنه. وإذ كان فيه من الحياء ما يمنعه من الرد على الهجوم فقد أغرق نفسه في الرياضة والحرف. فتعلم الرماية بمنتهى الدقة، ومنافسة الصناع في استعمال يديه وأدواته. وقد أعجب بمهارات الصناع الذين يخدمون القصر، وأحب التحدث إليهم والعمل معهم، واتخذ شيئاً من طباعهم وحديثهم. ولكنه أحب الكتب أيضاً. واستهواه فنليون بنوع خاص؛ وحين بلغ الثانية عشرة ركب مطبعة في قصر فرساي، وبمساعدة أخويه (وكانا في التاسعة والحادية عشرة) جمع حروف مجلد صغير نشره في ١٧٦٦ بعنوان "حكم أخلاقية وسياسية مستقاه من تليماك" ولم يحب جده لويس الخامس عشر هذه الحكم وقال "انظر إلى ذلك الولد الكبير، سوف يكون القاضي على فرنسا وعلى نفسه، ولكني على أية حال لن أعيش حتى أرى ذلك"(٤).
فكيف السبيل إلى تحويل هذا الأمير الصانع ملكاً؟ أيمكن العثور على زوجة منبهة له تهبه الشجاعة والأباء، وتلد له ملوكاً من البوربون للمستقبل؟ وأما الحاكم الحالي فكان في شغل عن هذا بمدام دوباري، ولكن شوازيل وزير الخارجية تذكر أيامه التي قضاها قفي بلاط فيينا، وتذكر أرشيدوقة مرحة تدعى ماريا أنطونيا يوزيفا، كانت آنئذ (١٧٥٨) في الثالثة من عمرها، فلعل زواجها من لوي-أوجست ينفخ روحاً جديدة في ذلك الحلف النمساوي الذي أضعفه الصلح المفرد بين فرنسا وإنجلترا (١٧٦٢)، وكان الأمير فون مانتور قد أسر بمثل هذه الأفكار للكونت فلوريموند مرسي دارجنتو، وهو نبيل من لييج ذو ثراء عريض وقلب طيب، وكان سفيراً للنمسا في فرساي. واستمع لويس الخامس عشر للنصيحة التي أجمعا عليها، وأرسل (١٧٦٩) رسمياً إلى ماريا تريزا يطلب يد ماريا أنطونيا للوي-أوجست وأسعد الإمبراطور أن تبارك اتحاداً كانت هي نفسها قد خططت له منذ أمد بعيد. وأما الدوفن الذي لم يؤخذ رأيه في الأمر، فقد