قبل طائعاً هذا الاختيار الذي رتب له. وحين أنبئ بأن خطيبته أميرة حسناء، قال في هدوء "ليتها حسنة الخلال"(٥).
ولدت بفيينا في ٢ نوفمبر ١٧٥٥. ولم تكن بالطفلة الوسيمة. فجبينها مفرط الارتفاع، وأنفها مسرف في الطول والتدبب، وأسنانها غير منتظمة، وشفتها السفلى غليظة. ولكن سرعان ما عرفت أن دمها أزرق، فتعلمت أن تمشي مشية من ولدت لكي تكون ملكة، وأعادت الطبيعة بأكسير الشباب العجيب حين أدركت سن البلوغ لف جسمها لفاً ساحراً، حتى غدت بشعرها الأشقر الحريري، وبشرتها الزنبقية الوردية، وعينيها الزرقاوين العابثتين المتألقتين، و "عنقها الإغريقي" على الأقل لقمة لذيذة لولي العهد، إن لم تكن طبقاً شهياً للملك. وكان ثلاث من شقيقاتها الخمس اللاتي يكبرنها قد هيأت لهن الإمبراطورة بدهائها زيجات لينة: فماريا كرستينا تزوجت الأمير ألبرت السكسوني، الذي أصبح دوق ساكسي-تيشن، وتزوجت ماريا أماليا فرديناند دوق بارما، وأصبحت ماريا كارولينا ملكة على نابلي. أما أخوهن يوزف فكان شريكاً في حكم الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وكان أخوهن ليوبولد غراندوقاً لتسكانيا. فلم يبق لماريا أنطونيا غير أن تصبح ملكة على فرنسا.
ولقد أهملت بعض الشيء بوصفها أصغر أطفال ماريا تريزا الأحياء، فلما بلغت الثالثة عشرة تعلمت بعض الإيطالية، ولكنها لم تكن تحسن كتابة الألمانية ولا الفرنسية. أما التاريخ فلم تعرف منه شيئاً تقريباً، ولم تحرز في الموسيقى غير تقدم متواضع مع أن جلوك كان معلمها. وحين قرر لويس الخامس عشر قبولها زوجة لحفيده أصر على أن تطعم ضد الجدري، وبعث بالأب فرمون ليعجل لتعليمها. وكان تقرير فرمون عنها أن "خلقها وقلبها ممتازان" وأنها "أذكى مما كان يظن عموماً" ولكنها "على شيء من الكسل، طائشة للغاية، عسيرة التعليم … فهي لا ترغب في التعليم إلا إذا سليت"(٧) ولكنها أحبت الرقص، والعدو مع كلابها في الغابات.