للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا سيما في الشئون الخارجية. وأعجب واشنطن وفرانكلين بسداد حكمه (٦٠). وكانت نواحي ضعفه في الإرادة في الفكر، ولعلها ارتبطت بثقل غذائه ووزنه. ومن أهم صفاته عجزه عن مقاومة الإلحاح أو الخلوص من التفكير إلى التنفيذ. وكان هو نفسه يمارس الاقتصاد، ولكن كان فيه من اللطف ما منعه من فرضه على الآخرين، وكان يوقع بالموافقة على صرف مئات اللوف من الفرنكات استجابة لأمر زوجته.

على أن الفضائل لم تعوزه. فهو لن يتخذ خليلة، وكان فيه وفاء لأصدقائه ربما باستثناء طورجو "أغلب الظن أنه لم يفقه غير طورجو من رجال جيله في حب الشعب أعظم حب" (٦١). ففي يوم اعتلائه العرش أمر المراقب العام للمالية بتوزيع ٢٠٠. ٠٠٠ فرنك على الفقراء، وأضاف "إن وجدت هذا أكثر مما تسمح به حاجات الدولة فخذه من راتبي" (٦٢). وقد منع جمع "ضريبة التتويج" التي كانت تجعل من استهلال حكم الملك عبئاً جديداً على الأمة. وفي ١٧٨٤ حين كانت باريس تعاني من الفيضانات والأوبئة، خصص ثلاثة ملايين من الفرنكات لإعانة الشعب. وخلال شتاء قارس البرد للفقراء يوماً بعد يوم بأن يغيروا على مطبخه ويصيبوا منه طعاماً. وكان مسيحياً لقباً، وواقعاً، والتزاماً بالشعائر، فكان يتبع كل الطقوس الكنسية وقواعدها بحذافيرها، ويصوم الصيام الكبير كله رغم ولعه بالطعام. وكان متديناً دون التعصب أو إعلان عن النفس، فهو الذي منح الحقوق المدنية لبروتستانت فرنسا رغم سنيته وتدينه. وقد حاول التوفيق بين المسيحية والحكم، وذلك أمر ليس في الدنيا أصعب منه.

وكان عليه أن يعيش عيشة الملك مظهراً رغم حبه البساطة، فيجوز مراسم استيقاظ الملك Levée ويدع الاتباع والحاشية يلبسونه ثيابه، ويتلو صلوات الصباح في حضرتهم، ويستقبل الناس، ويرأس المجلس الملكي، ويصدر المراسم، ويحضر حفلات الغداء أو العشاء، والاستقبال، والرقص-مع أنه لم يكن يرقص. ولكنه عاش كأي مواطن صالح على قدر ما سمح به منصبه وشهيته. وقد وافق روسو على أن من واجب كل إنسان أن يتعلم حرفة يدوية، فتعلم عدة حرف، من صناعة الأقفال إلى البناء. وتخبرنا