مدام كمبان أنه "سمح لصانع أقفال من عامة الشعب بدخول مسكنه الخاص، وكان يصنع معه المفاتيح والأقفال، وكثيراً ما كانت يداه اللتان اسودتا من هذا الضرب من العمل مثار لوم بل توبيخ حاد من الملكة في حضرتي"(٦٣). وكان يستهويه كل شيء يتصل بالبناء، فيعين عمال القصر على نقل المواد، والعوارض، وبلاط الرصف. وكان يحب أن يقوم بترميم ما يحتاج إلى ترميم في مسكنه بيديه هو، وكان زوجاً صالحاً كأزواج أوساط الناس. وقد احتوت إحدى حجراته على أدوات الجغرافيا، والكرات الأرضية، والخرائط الجغرافية-التي رسم بعضها بنفسه؛ واحتوت حجرة أخرى أدوات للشغل في الخشب، وجهزت ثالثة بكير وسندان، وأشتات كثيرة من الأدوات الحديدية. وقد عكف شهوراً على صنع ساعة حائط ضخمة تسجل الشهور واوجه القمر والفصول والسنين. وشغلت مكتبته عدة حجرات.
وقد أحبته فرنسا، حتى إلى موته وبعد موته، لأن الذي أعدمه بالجليوتين في ١٧٩٣ لم تكن فرنسا بل باريس. وفي تلك السنين الأولى كان الترحيب به عاماً تقريباً. كتب فردريك الأكبر لدالامبير "أن لديكم ملكاً طيباً جداً، وأنا أهنئكم عليه من كل قلبي. فالملك الحكيم الفاضل خليق بأن يخشاه منافسوه أكثر من ملك لا يملك من الفضائل غير الشجاعة". وأجاب دالمبير "أنه يحب طيبة القلب، والإنصاف، والاقتصاد، والسلام … أنه بالضبط ما كان ينبغي أن نصبوا إليه في ملكنا لو لم يمنحنا إياه قدر كريم"(٦٤). ووافق فولتير على هذا الرأي:"كل ما صنعه لويس منذ توليه العرش حببه لفرنسا"(٦٥). وقد استعاد جوته في شيخويخه ذكر هذا الاستهلال الميمون:"في فرنسا أبدى ملك جديد خيرّ أحسن النوايا. لتكريس نفسه للقضاء على مفاسد كثيرة، ولتحقيق أنبل الأهداف، وهي إدخال أسلوب في الاقتصاد السياسي من تظن وكفء، والاستغناء عن كل سلطة تعسفية، والحكم بالقانون والعدالة وحدهما. وقد عمت الدنيا أبهج الآمال، ووعد الشباب الواثق نفسه والنوع الإنساني كله بمستقبل زاهر مشرق"(٦٦).