وأعتقد طورجو أن هذه العصابات يستخدمها الموظفون البلديون أو الأقليميون الذين نقدوا وظائفهم بانتهاء الإشراف الحكومي والذين كان هدفهم أن يخلقوا في باريس أزمة غلال ترفع سعر الخبز وتكره الحكومة على العودة إلى التجارة الخاضعة لهيمنتها (٧٤). وظهر الملك على شرفة من شرفات القصر وحاول الكلام، ولكن ضجة الجمع طغت على كلامه. على أنه منع جنوده من إطلاق النار على الشعب، وأمر بخفض سعر الخبز.
ولكن طورجو أكد أن هذا التدخل في قوانين العرض والطلب سيفسد محاولة اختبارها؛ وكان واثقاً من أنه إذا تركت لها حرية العمل فإن المنافسة بين التجار وأصحاب المخابز ستهبط بأسعار الخبز عما قليل. وألغى الملك أمره بخفض السعر. وفي ٣ مايو تجمعت حشود غاضبة في باريس وبدأت تنهب المخابز. وأمر طورجو مليشيا باريس بحماية المخابز ومخازن الغلال، وبإطلاق النار على أي شخص يحاول القيام بأعمال عنف. ثم حرص في الوقت نفسه على وصول الغلال الأجنبية إلى باريس والأسواق. وأكرهت هذه المنافسة المستوردة المحتكرين الذين حبسوا غلالهم توقعاً لارتفاع الأسعار على الإفراج عن مخزونهم، فانخفض سعر الخبز، وهدأ النمر. وقبض على نفر من زعمائه، وشنق اثنان منهم بأمر البوليس. وخرج طورجو ظافراً من "حرب الدقيق" هذه. ولكن إيمان الملك بمبدأ عدم التدخل اهتز، وأحزنه شنق هذين الشخصين في ميدان جريف.
ولكن سرته الإصلاحات التي يجريها طورجو في ماليو الحكومة. فلم يمض يوم على مرسوم الغلال بدأ الوزير العجول إصدار الأوامر للوفر في مصروفات الدولة، ولتحصيل الضرائب تحصيلاً أكثر كفاءة، وللإشراف إشرافاً أدق على الملتزمين العموميين، ثم ينقل الاحتكارات الأهلية في المركبات العامة، ومركبات البريد، وصنع البارود، إلى الدولة. واقترح، ولكن لم يتح له الوقت لإنشاء "بنك للخصم" وهو مصرف لخصم الأوراق التجارية، وتلقي الودائع، وإعطاء القروض، وإصدار البنكنوت الذي تدفع قيمته عند إبرازه، وقد اتخذ هذا البنك نموذجاً لبنك فرنست الذي نظمه نابليون في ١٨٠٠. فلم تحل نهاية عام ١٧٧٥