وفي سبتمبر عين الكونجرس الأمريكي. بنيامين فرانكلين وآرثر لي-ليمضيا إلى فرنسا مندوبين، وينضما إلى دين، ويلتمسا لا المزيد من الإمداد فحسب، بل التحالف السافر إن أمكن.
ولم تكن هذه أول مرة ظهر فيها فرانكلين في أوربا. ذلك أنه في ١٧٧٤ ذهب إلى إنجلترا ولم يكن قد بلغ التاسعة عشرة، وقد اشتغل طباعاً، ونشر دفاعاً عن الإلحاد (٩٨)، وعاد إلى فيلادلفيا والربوبية، وتزوج، وانضم إلى جماعة الماسون، وظفر بشهرة دولية بوصفه مخترعاً وعالماً. وفي ١٧٥٧ أوفد إلى إنجلترا ممثلاً لمجلس بنسلفانيا في نزاع ضرائبي. ومكث في إنجلترا خمس سنين، والتقى بجونسن وغيره من وجوه القوم، وزار إسكتلندة، والتقى بهيوم وروبرتسن، ونال درجة عالية من جامعة سانت أندروز، وأصبح منذ الآن الدكتور فرانكلين. ثم عاد إلى إنجلترا من ١٧٦٦ إلى ١٧٧٦، وخطب في مجلس العموم معارضاً ضريبة الدمغة، وحاول المصالحة، ثم عاد إلى أمريكا حين رأى أن الحرب واقعة. وقد شارك في صياغة إعلان الاستقلال.
وصل فرانكلين إلى فرنسا في ديسمبر ١٧٧٦ ومعه حفيدان له، وكان الآن في السبعين، ويبدو وكأنه الحكمة ذاتها مجسمة، والعالم كله يعرف ذلك الرأس الضخم والشعر المشتعل الخفيف، والوجه الشبيه بالبدر عند بزوغه المشرق. وأهال عليه العلماء أسباب التكريم، وادعى الفلاسفة والفزيوقراطيين أنه واحد منهم، ورأى المعجبون بروما القديمة فيه سنسناتوس، وسكيبو الأفريقي، والكاتوين، وقد بعثوا من مراقدهم، وصففت نبيلات باريس شعورهن في لمة مجعدة تقليداً لقبعته المصنوعة من فرو القندس؛ ولا ريب أنهن سمعن بغرامياته الكثيرة. وأذهلت الحاشية بساطة عاداته، ولباسه، وحديثه، ولكن بدلاً من أن يبدو مضحكاً في زيه القريب من زي الريفيين، كان اختيالهم في المخمل والحرير والمخرم هو الذي تبدى الآن كأنه محاولة فاشلة لإخفاء الواقع وراء مظهر كاذب. ومع ذلك قبلوه هم أيضاً، لأنه لم يستعرض أحلاماً لحكومات مثالية، بل تكلم بتعقل وإدراك سليم، وأظهر