يقول "أن العاشقين الشابين بهجة للناظرين، وهما يعكفان على العمل ليل نهار ليصنعا فيلسوفاً صغيراً لي"(٧)، ذلك أن الثمانين الأبتر اغتبط لفكرة الأبوة ولو بالأنابة.
وكتب أثناء ذلك آخر دراماته "ايرين" ودفعها إلى الكوميدي-فرانسيز. وقد أحدث قبولها (يناير ١٧٧٨) مشكلة. ذلك أن الفرقة درجت على أن تقدم كل مسرحية حسب تاريخ قبولها، وكانت الفرقة قد تلقت مسرحيتين أخريين ووافقت عليهما قبل مسرحية فولتير-أحداهما بقلم جان فونسوا دلاهارب، والأخرى بقلم نيقولا بارت. وتنازل المؤلفان كلاهما للتو عن حقيهما المقدمين في التمثيل. وكتب بارت إلى الفرقة يقول:
"لقد قرأت عليكم تمثيلية جديدة بقام مسيو فولتير وكنتم على وشك النظر في تمثيل مسرحيتي "الرجل ذاته". "وليس أمامكم الآن غير شيء واحد، هو ألا تفكروا في مسرحيتي أكثر من ذلك. وأنا عليم بالإجراء المتبع في هذه الأحوال، ولكن أي كاتب يجرؤ على المطالبة بالتزام القاعدة في حالة كهذه؟ أن مسيو فولتير يقف فوق القانون كأنه ملك. وإذا لم يكن في الإمكان أن أتشرف بتقديم إسهامي في إمتاع الجمهور، فلا أقل من التنحي عن طريق إبهاج الجمهور بمسرحية جديدة من القلم الذي أنشأ "زائير" و "ميروب". أني لأرجو أن تعرضوا هذه المسرحية بأسرع ما تستطيعون وأتمنى لو واصل مؤلفها، مثل سوفوكليس، تأليف التراجيديات حتى يبلغ المائة سناً، ثم يموت كما تحيون أيها السادة-مكللاً بفيض غامر من التصفيق" (٨).
فلما بلغ النبأ فولتير داعب في حب الذهاب إلى باريس ليشرف على إخراج مسرحيته. ذلك أنه لم يكن هناك على أية حال حظر رسمي أو صريح على دخوله باريس. وأي بأس في أن يهاجمه رجال الدين من فوق منابرهم؟ أنه ألف ذلك. وماذا لو أقنعوا الملك بزجه في الباستيل؟ حسناً، أنه ألف ذلك أيضاً. فيالها من فرحة أن يرى المدينة الكبرى مرة أخرى بعد أن غدت قصبة التنوير! لكم تغيرت طبعاً منذ فراره الأخير منها قبل