شاءت، وهكذا تخلق أولجركية بورجوازية، مستترة وراء واجهة ديموقراطية (١١٥)، ولكن هروب لويس السادس وماري أنطوانيت إلى فارين، والخوف من أن تحاول الدول إعادة الملكية الديموقراطية في فرنسا، ودعاه إلى الدعوة لحق التصويت للجميع بما فيهم النساء (١١٦).
وقد تطلع في الخيال من عزلته المطاردة إلى مستقبل ملؤه جلائل الأعمال. فتنبأ بصعود الصحافة ضابطاً لطغيان الحكومة؛ وبتطور دولة الرفاهية بفضل التأمين والمعاشات الاجتماعية؛ وبحفز الثقافة نتيجة لتحرير المرأة؛ وبإطالة عمر الإنسان بفضل تقدم الطب؛ وبانتشار النظام الاتحادي بين الدول؛ وبانقلاب الاستعمارية إلى معونة أجنبية تقدمها البلاد المتقدمة للمتخلفة؛ وبخفة التعصب القومي نتيجة لانتشار المعرفة؛ وبتطبيق البحوث الإحصائية على إنارة السياسات وصياغتها؛ وبازدياد ارتباط العلم بالحكومة (١١٧). وإذ رأى كل عصر مضيفاً أهدافاً جديدة لإنجازاته، فلا يمكن إذن أن تكون هناك نهاية متطورة للتقدم. ولا يعني هذا أن الإنسان سيغدو كاملاً في أي وقت، بل أنه سيسعى أبداً إلى الكمال. "أن الطبيعة لم تحدد زماناً لكمال الملكات البشرية، وقابلية الإنسان للكمال لا حدود لها، وتقدم هذه القابلية-التي ستكون منذ الآن مستقلة عن أي قوة قد تبغي تعطيلها-لا حد له غير عمر هذا الكوكب الذي ألقتنا الطبيعة على سطحه (١١٨) ".
وقرب الختام هذا التخطيط تصدى كوندورسيه للمشكلة التي سيعرضها بعد أربع سنين في "مقال عن مبدأ السكان"(١٧٩٨):
"ألا يجوز أن تأتي لحظة … يترتب فيها على زيادة سكان العالم عن أسباب العيش تناقص مستمر لسعادتهم، … أو على أفضل تقدير تذبذب بين النفع والضرر؟ وألا يدل ذلك على أن العالم قد وصل إلى نقطة يستحيل تحقيق المزيد من التحسين بعدها-وأن قبول النوع الإنساني للكمال قد بلغ بعد سنين طويلة مرحلة يعجز عن تجاوزها؟
ومنذا الذي يستطيع التنبؤ بالحالة التي يمكن أن يوصل إليها فن تسخير عناصر الطبيعة لحيز الإنسان في الوقت المناسب؟ … وحتى لو اتفقنا على