وغذت المسيحية والفلسفة معاً نزعة إنسانية بثت المئات من أعمال البر والخير. وفي شتاء ١٧٨٤ القارس خصص لويس السادس عشر ثلاثة ملايين من الجنيهات لإغاثة الفقراء؛ وشاركت ماري أنطوانيت بمائتي ألف من جيبها الخاص، وحذا الكثيرون حذوها. وساعد الملك والملكة على تمويل مدرسة الصم والبكم التي أسسها الأبيه دليبيه في ١٧٨٨ لتعليم أبجديته الجديدة التي ابتكرها للصم والبكم، ومدرسة الأطفال المكفوفين التي افتتحها فالنتان هاوي في ١٧٨٤. وأسست مدام نكير (١٧٧٨) ملجأ ومستشفى للفقراء، ظلت تشرف عليهما بشخصها عشرة أعوام. ووزعت الكنائس، وأديرة الرهبان والراهبات، الطعام والدواء. وفي هذا العهد تشكلت حملة لإلغاء الرق.
كذلك كانت آداب السلوك كالأخلاق انعكاساً لعصر روسو. فهي لم تبلغ قط في عهد ملوك البوربون هذا المبلغ من الديموقراطية. صحيح أن الفوارق الطبقية ظلت قائمة، ولكن خفف منها لطف أعظم ومجاملة أوسع. وكان الموهوبون من الرجال، الذين لا يحملون ألقاب شرف، يلقون الترحيب في أعرق البيوت محتداً. ومرة قفزت الملكة من مركبتها لتعين حوذياً جريحاً، ورفع الملك وأخوه الكونت دارتوا بكتفيهما العجلة ليساعدا عاملاً على تخليص عربته من الوحل. وأصبح اللباس أبسط: فاختفت البواريك، وتخلى السادة، إلا في البلاط، من مطرزاتهم، ومخرماتهم، وسيوفهم، بحيث كان من العسير في عام ١٧٨٩ أن ينبئ المرء عن طبقة رجل من زيه. وحين استهوى فرانكلين فرنسا استسلم له حتى الخياطون؛ وظهر الناس في الشوارع "يلبسون على الطريقة الفرانكلينية قماشاً خشناً، وحذاء سميكاً"(٣٧).
أما سيدات الطبقة البورجوازية فتزين في لباسهن تزين سيدات البلاط. وبعد ١٧٨٠ نبذت النساء الطوق الحديدي الثقيل، ولكنهن حصن قوامهن بتنانير قاسية يلبسنها متراكبة كالأحجية الصينية المعقدة. وقصرت الصدارات من أمام، ولكن الصدر كان عادة يغطى بمنديل مثلث يسمونه (رباط)،