الرذيلة" (١٧٩٢). وهو يزعم أنه ما دام أفله غير موجود، فإن العاقل من سعى إلى إشباع كل رغبة ما استطاع دون أن يجر عليه عقوبة أرضية. وكل الرغبات خيرة على السواء، وكل الفوارق الأخلاقية أوهام؛ والعلاقات الجنسية الشاذة مشروعة؛ وهي ليست في حقيقتها شاذة؛ والجريمة ممتعة لو تجنبت افتضاح أمرك؛ وقل أن تجد شيئاً ألذ من ضربك فتاة جميلة. ولم يصدم القراء بانعدام الحس الأخلاقي عند دساد كما صدموا بإلماعه إلى أن القضاء المبرم على النوع الإنساني لن يصيب الكون بأي أذى يذكر حتى أنه "لن يقف مسيره أكثر مما لو باد نوع الأرانب البرية أو البيئية كله" (٣٥). وفي ١٧٨٩ نقل دساد إلى مستشفى للأمراض العقلية في شارنتون، ثم أفرج عنه في ١٧٩٠، وحكم عليه بالعودة في ١٨٠٣ لاستعصاء شفائه، ومات في ١٨١٤.
وقد يدفع الفلاسفة بأن هذا الانعدام للحس الأخلاقي هو استنتاج خلقي لنقدهم اللاهوت المسيحي، وأن العقل السليم يقر الالتزامات لأدبية سواء دان أو لم يدن بالإيمان الديني، وقد أقرها كثيرون. وكان بين سكان فرنسا-بل سكان باريس-الأسوياء في تلك السنين عناصر كثيرة للتجدد الأخلاقي: ازدياد رقة العاطفة والحنان، وانتصارات الحب الرومانسي على زيجات المصلحة، والأم الشابة ترضع طفلها بفخر، والزوج يتودد إلى زوجته، والأسرة ترد إلى سابق وحدتها باعتبارها أسلم منبع للنظام الاجتماعي. وكثيراً ما كانت هذه التطورات ممتزجة ببقايا من العقيدة المسيحية، أو بفلسفة روسو نصف المسيحية، ولكن ديدرو الملحد أيدها تأييداً حماسياً.
وقد أعقب موت لويس الخامس عشر انتقاض على إباحيته الجنسية. وضرب لويس السادس عشر المثل الطيب ببساطة لباسه وحياته، وبوفائه لزوجته، وبإدانته للقمار. وشاركت الملكة ذاتها في زي البساطة، وقادت حركة إحياء الحساسية ورقة العواطف. وجرت الأكاديمية الفرنسية على منح جائزة كل سنة للفضيلة البارزة (٣٦). وكان أكثر الأدب مذهباً، ونحيت قصص كريبيون الابن جانباً، وقررت قصة برناردان دسن-بيير "بول وفرجيني" طابع الطهارة الخلقية في الحب. وعكس الفن الأخلاق الجديدة، ومجد جروز ومدام فيجيه-لبرون الأطفال والأمومة.