وأخيراً عرضت اللوحة، فزادت من حمى العصر الثورية. ورأت باريس في هذه الرسوم، وفي الأخلاقيات الصارمة التي عبرت عنها، ثورة مزدوجة-على الروكوك الأرستقراطية والطغيان الملكي. وأصبح دافيد البطل الراديكالي لأستوديوهات باريس.
وقد أنتخب أثناء الثورة عضواً في المؤتمر، وفي يناير ١٧٩٣ صوت بالموافق على إعدام الملك. ثم قتل أحد المتشيعين للملكية عضواً آخر من نواب المؤتمر صوت بالموافقة مثل دافيد (٢٠ يناير ١٧٩٣)، فعرض جثمانه على الجماهير شهيداً جمهورياً، ورسم دافيد "آخر لحظات لبوليتييه". وعلق المؤتمر اللوحة في قاعته. وحين قتلت شارلوت كورداي مارا (١٣ يوليو ١٧٩٣) صور جافيد الميت راقداً في حمامه نصف مغمور في الماء، وندر أن كان التصوير ممعناً في تصويره للواقع إلى هذا الحد، أو في تعمده إثارة المشاعر. وقد أرست اللوحتان سجل شهداء الثورة. وعمل دافيد بحماسة لدانتون وروبسبير، ومكافأة له عين مديراً لجميع ضروب الفن في باريس.
فلما أن تقلد نابليون زمام السلطة بلقب "القنصل" الروماني، رسم دافيد له بالذات الحماسة التي رسم بها لزعماء الإرهاب. فرأى في بونابرت ابن الثورة، الذي يقاتل ليمنع ملوك أوربا من رد ملك نظيرهم إلى عرش فرنسا. وحين نصب نابليون نفس إمبراطوراً (١٨٠٤) لم يفتر إعجاب دافيد به، وعينه نابليون مصوراً للبلاط الإمبراطوري فرسم له المصور عدة صور مشهورة: نابليون يعبر الألب؛ نابليون يتوج جوزفين؛ وتوزيع النسور؛ وقد علقت هذه اللوحات الضخمة بعد ذلك على جدران حجرات قصر فرساي. وأظهر دافيد أثناء ذلك تعدد مواهبه بلوحتين رائعتين رسم فيهما مدام ريكامييه والبابا بيوس السادس (٦٨). فلما رد آل بوربون نفي دافيد باعتباره من قتلة الملك، فاعتكف في بروكسل، حيث وافته زوجته لتشاركه منفاه (وكانت قد هجرته في ١٧٩١ لتحمسه للثورة). وعاد الآن إلى المواضيع الكلاسيكية، وإلى أسلوب التصوير النحتي الذي حبذه منجز.