الانتشار، والفضل في انتشارها راجع معظمه إلى هبات المحسن ركفلر (١). وقد تضاعف عدد المدارس الجديدة والمدارس العليا والكليات بسرعة فائقة على الرغم من فقر البلاد، والصين الحديثة تأمل ألا يمضي إلا القليل من الوقت حتى يستطيع كل طفل أن يتعلم من غير آخر وأن يسودها النظام الديمقراطي بفضل انتشار التعليم.
وقد حدث في الأدب الصيني والفلسفة الصينية انقلاب شبيه بما حدث في عهد النهضة. ذلك أن دخول الكتب الغربية كان له من الأثر المنتج ما كان للمخطوطات اليونانية من أثر في عقول الإيطاليين؛ وكما أن إيطاليا في إبان نهضتها قد هجرت اللغة اللاتينية لتكتب بالإيطالية فكذلك فعلت الصين بزعامة هوشي إذ حولت اللهجة الأرستقراطية القديمة إلى لغة أدبية هي المعروفة بالباي هوا، وأقدم هوشي على عمل خطير جازف فيه بمصيره الأدبي فكتب بهذه "اللغة البسيطة" تاريخ الفلسفة الصينية في عام ١٩١٩ م؛ وكانت شجاعته سبباً في فوزه العظيم، فاتخذت الكتابة الرسمية في المدارس. وقامت في الوقت نفسه "حركة الحروف الألف" لإنقاص رموز الكتابة الصينية من ٠٠٠ ر ٤٠ رمز وهو العدد الذي كان يستخدمه العلماء في كتاباتهم إلى ٣٠٠ ر ١ تكفي للاستعمال العادي، وبهذه الطريقة أخذت لهجة المنذرين تذاع بسرعة في الأقاليم الصينية، وقد لا ينتهي هذا القرن حتى تكون للصين كلها لغة واحدة وحتى تقترب من الوحدة الثقافية.
والأدب الصيني أخذ في الانتشار مدفوعاً بهذه اللغة الشعبية وبحماسة الأهلين، وقد أضحت الروايات والقصائد والتمثيليات لا يقل عددها عن الصينيين أنفسهم، وانتشرت الصحف والمجلات في كل مكان، وأخذ الصينيون يترجمون آداب الغرب
(١) في عام ١٩٣٢ م فتحت كلية طب الاتحاد للطلاب والطالبات بفضل الهبة التي قدمها جون و. ركفلر والبالغ مقدارها خمسة ملايين من الدولارات، وتنفق اللجنة الطبية الصينية التي تمدها بالمال مؤسسة ركفلر على تسعة عشر مستشفى وثلاث مدارس للطب وتهب في كل عام خمساً وستين جائزة تعليمية.