للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذن يزاولن عادة تحديد النسل (١)، ولم يزد عدد السكان زيادة ملحوظة منذ قيام الثورة ولعل تيار السكان الصينيين الجارف قد أخذ الآن يتراجع (٣٣).

ومع هذا فإن خمسين ألف صيني جديد يولدون في كل يوم (٣٤). وسيكونون في مستقبل أيامهم جدداً من كل الوجوه، جدداً في تفصيل ملابسهم وترجيل شعرهم، جدداً في تعليمهم وعاداتهم وأخلاقهم ودينهم وفلسفتهم. لقد اختفى ذيل ملابسهم الطويل واختفى معه ما كان في الأيام الخالية من ظرف ورقة، وخشنت أحقاد الثورة روح الأهلين، وأضحى من أصعب الأمور على المتطرفين أن يجاملوا المحافظين (٣٥). وهاهو ذا تيار الصناعة السريع يبدل ما كان يتصف به الشعب الصيني القديم من تواكل وعدم مبالاة إلى صفات أخرى أكثر دلالة على طبيعتهم. إن هذه الوجوه البليدة لتخفي تحتها نفوساً نشيطة سريعة الاهتياج، وإن النزعة السلمية التي أشربتها نفوس الصينيين بعد حروب دامت عدة قرون لآخذة في الزوال من طول تفكيرهم في هزائمهم القومية وتقطيع أوصال بلادهم؛ والمدارس تعد الآن كل طالب لأن يكون جندياً، وعاد القوم مرة أخرى يرون القائد بطلاً.

وتبدل نظام التعليم من أوله إلى آخره فألقت المدارس بكنفوشيوس من النافذة وأحلت العلوم الطبيعية والرياضية محله، وإن لم يكن من الضروري أن تتخلى عنه لتحل العلوم محله لأن تعاليم كنفوشيوس لا تتعارض مطلقاً مع روح العلم. ولكن التاريخ كله لحمته وسداه يتكون في جميع مراحله من غلبة الإحساسات النفسية على العقائد المنطقية. فدراسة الرياضيات والميكانيكا واسعة الانتشار لأنهما يعينان على صناعة الآلات، والآلات تعين على جمع الثروة وعلى صناعة المدافع، والمدافع قد تحفظ الحرية. ودراسة الطب في الصين آخذة في


(١) إن الإعلانات الصريحة عن وسائل موانع الحمل في مخازن الأدوية الصينية لمما يوحي إلى الغرب بوسيلة سهلة يلجأ إليها لينجو بها من "الخطر الأصفر".