عشرة في المائة من إنتاج الفلاح أو دخله، ثم اقتطعت ضريبة العشور الكنسية نسبة أخرى تتفاوت بين ثمانية وعشرة في المائة. فإذا أضيف إلى هذا الضرائب المدفوعة للدولة، وضرائب السوق والبيع، والرسوم المدفوعة لكاهن الأبرشية نظير مراسم العماد والزواج والدفن، ولم يبق للفلاح إلا نحو نصف ثمرات كده.
ولما كانت قيمة المبالغ النقدية التي يتسلمها السادة الإقطاعيون تتناقص بهبوط قيمة العملة، فقد حاولوا حماية دخلهم بزيادة الرسوم، وإحياء رسوم عفا عليها الدهر، وتسييج المزيد من الأرض المشاع. وكانت جباية الرسوم تعهد عادة إلى ملتزمين محترفين كثيراً مالا يعرفون الرحمة في أداء عملهم. فإذا تشكك الفلاح في حق السيد في رسوم معينة قيل له أنها مدرجة في قوائم الضياع أو سجلاتها. فإذا تحدى صحة هذه القوائم رفع الأمر إلى محكمة الإقطاعية أو إلى البرلمان الإقليمي الذي كان سادة الإقطاع يهيمنون عليهم (٧). وحين نشر بونسير، بتشجيع طور جو سرا، (١٧٧٦) كراسة عنوانها "مساوئ الحقوق الإقطاعية" أوصى فيها باختزال هذه الحقوق، لامه برلمان باريس. وانبرى فولتير لخوض المعركة من جديد وقد بلغ الثانية والثمانين. فكتب يقول: إن اقتراح إلغاء الحقوق الإقطاعية يعدل مهاجمة أملاك السادة أعضاء البرلمان أنفسهم، الذين يمتلك معظمهم إقطاعات … أنها قضية الكنيسة، والنبلاء، وأعضاء البرلمان … متضافرين ضد العدو المشتري-أي الشعب" (٨).
على ان هناك ما أمكن أن يقال دفاعاً عن الحقوق الإقطاعية فهي من وجهة نظر النبيل رهن عقاري قبله الفلاح بمحض حريته كجزء من الثمن الذي اشترى به قطعة أرض من مالكها الشرعي-الذي كان في كثير من الحالات قد اشتراها بحسن نية مالكها السابق. وكان بعض النبلاء الفقراء يعتمدون في قوتهم على هذه الرسوم. وكان الفلاح يعاني من شر الضرائب، والعشور، ومطالب الحرب وغاراتها أكثر كثيراً مما يعاني من الرسوم الإقطاعية. استمع إلى أعظم وأشرف الاشتراكيين الفرنسيين وهو جان-