وألف العمال الاتحادات وأضربوا في تحد لأوامر الحظر ففي ١٧٧٤ توقفوا عن العمل لارتفاع تكاليف المعيشة بأسرع من الأجور. ودفع الإحباط الكثير من العمال إلى الرحيل عن ليون قاصدين مدناً أخرى، بل مهاجرين إلى سويسرا أو إيطاليا، ولكنهم أوقفوا على الحدود وأعيدوا إلى موطنهم قسراً. وثار العمال، واستولوا على مكاتب البلدية، وأقاموا دكتاتورية قصيرة الأجل من البرولتاريا على الكومون. فاستدعت الحومة الجيش الذي أخمد التمرد، ثم شنق اثنان من زعماء العمال، وعاد المضربون وأرباب العمل على السواء (٣٧).
وفي ١٧٨٦ عادوا إلى الإضراب، مؤكدين أنهم عاجزون عن إعالة أسرهم حتى بمواصلة العمل ثماني عشرة ساعة في اليوم، شاكين من أنهم يعاملون "بأقسى مما تعامل به الحيوانات المنزلية، فحتى هذه تعطى من الطعام ما يكفي لحفظها سليمة قوية"(٣٨). ووافقت سلطات المدينة على منحهم علاوة، ولكنها حظرت أي اجتماع يضم أكثر من أربعة أشخاص. واضطلعت كتيبة مدفعية يتنفيذ هذا الخطر، وأطلق الجند الرصاص على المضربين فقتلوا عدة أشخاص، وعاد المضربون إلى العمل وسحبت العلاوة منهم بعد ذلك (٣٩).
وقد نشبت حوادث الشغب احتجاجاً على ارتفاع تكاليف المعيشة، متفرقة طوال النصف الثاني من القرن الثامن عشر. فوقعت منها ستة في نورمنديه بين عامي ١٧٥٢، و١٧٦٨؛ وفي ١٧٦٨ سيطر القائمون بالشغب مماثلة على روان، ونهبوا مخازن الغلال الحكومية، وسلبوا المتاجر، ووقعت أحداث مماثلة في رامس عام ١٧٧٠، وفي بواتيه عام ١٧٧٢، وفي ديجون وفرساي وباريس ويونتوار عام ١٧٧٥، وفي اكس-أن-بروفانس عام ١٧٨٥، ثم في باريس عامي ١٧٨٨، ١٧٨٩ (٤٠).