للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدير بالاعتبار؛ أما أكبرها فهي "هوندو" أو "هونشو" ويبلغ طولها ١١٣٠ ميلاً ومتوسط عرضها ٧٣ ميلاً، ومساحتها واحد وثمانون ألف ميل مربع، وهي تعادل نصف مساحة الجزر كلها، ويشبه موقعها- كما يشبه تاريخها الحديث- موقع إنجلترا وتاريخها: فقد حمتها البحار المحيطة بها من الغزوات، وحملتها سواحلها الطويلة التي يبلغ مداها ثلاثة عشر ألف ميل على أن تكون أمة بحرية، فكأنما قضى عليها المؤثر الجغرافي والضرورة التجارية أن تبسط لنفسها سيادة واسعة على البحار؛ وتلتقي الرياح والتيارات البحرية الدافئة الآتية من الجنوب، بالهواء البارد الهابط من قمم الجبال، فينتج عن ذلك في اليابان مناخ إنجليزي تملؤه الأمطار، وتكثر فيها الأيام الغائمة بالسحب (٤)، ومن ثم تمتلئ أنهارها القصيرة السريعة الانحدار، ويزدهر فيها النبات وتزدان المناظر، فهناك- إذا ما بعدت عن المدن والمساكن العتيقة القذرة- ترى نصف البلاد جنة عدن في ازدهارها، وليست جبالها أكداساً مركومة من الصخر والقذر، بل هي ذوات أشكال فنية، تكاد تبلغ في تخطيطها حد الكمال، كما هي الحال في فيوجى (١).

ولاشك أن هذه الجزر قد ولدتها الزلازل لا القطرات التي انتثرت من الرياح (٦)؛ فليس على الأرض مكان- وربما جاز أن نستثني أمريكا الجنوبية- قد عانى كل ما عانته اليابان من اضطراب أرضها، فحدث سنة ٥٩٩ أن اهتزت


= يابانج" أو "يابون"؛ وهذه اللفظة الأخيرة هي ما تقابل في اليابانية كلمة "نيبون" ثم هذه بدورها هي تحريف الكلمة الصينية التي معناها "المكان الذي تشرق منه الشمس" وهي "جب- بن"؛ وينعت اليابانيون كلمة "نيبون" عادة بكلمة "داي" ومعناها العظمى.
(١) "فيوجى سان" (أو قد يسمى حديثاً فيوجى ياما) هو معبود الفنانين والكهنة، ويكاد يكون في شكله مخروطاً متدرج السفوح تدرجاً سهلاً، وترتفع قمته ١٢٣٦٥ قدماً، يصعدها ألوف عدة من الحجاج كل عام؛ وكانت آخر مرة ثار فيها بركان فيوجى في سنة ١٧٠٧.