الأرض وابتلعت قرى بأكملها في فمها الضاحك، وهوت الشهب ولمعت المذنَّبات وابيضت الشوارع بالثلج في منتصف يوليو، وأعقب ذلك قحط ومجاعة، وقضى من اليابانيين ألوف الألوف؛ وكذلك حدث سنة ١٧٠٣ أن قضى زلزال على اثنين وثلاثين ألفاً في طوكيو وحدها، وعادت العاصمة سنة ١٨٨٥ فتقوض بنيانها من جديد، وانفرجت الأرض عن فجوات واسعة ابتلعت في جوفها ألوفاً، وجعلوا يحملون جثث الموتى في عربات النقل ليقذفوا بها بعيداً جماعات جماعات؛ وفي زلزال ١٩٢٣ أتت موجة المد وألسنة النار على مائة ألف نفس في طوكيو، وسبعة وثلاثين ألف نفس في يوكاهاما وما يجاورها، وأما كاما كورا- التي طالما أحسنت لبوذا- فكادت تندك من أساسها (٧)، مع أن التمثال النحيل الذي كان قائماً هناك للقديس الهندي (يقصد بوذا) قد لبث وسط هذا الخراب الشامل قائماً كما هو، لم يصبه سوى ارتجاج، كأنما أراد بقيامه ذاك سليماً من الأذى أن يضرب مثلاً يوضح للناس أهم درس يلقيه التاريخ- وهو أن الآلهة يمكن لها أن تصمت في مختلف اللغات؛ ولبث الناس في حيرة تملكتهم حيناً، كيف ينزل هذا الخراب كله بأرض خلقتها الآلهة وتحكمها الآلهة؛ وأخيراً فسروا هذا الاضطراب بأن سمكة ضخمة تحت الأرض انزعجت في نعاسها فاهتزت (٨) ويظهر أن لم يطرأ ببال أحد إذ ذاك أن يغادر تلك المدينة التي تعرض ساكنيها لأكبر الخطر؛ ففي اليوم التالي لاهتزاز الأرض بزلزالها العظيم الأخير، استخدم صبية المدارس قطعاً من مادة الطلاء المتناثرة أقلاماً، والأحجار الارتوازية المنثورة من بيوتهم المحطمة ألواحاً (٩) واحتملت الأمة صابرة هذه الضربات من يد القدر وخرجت من هذا الدمار المتكرر نشيطة نشاطاً لا سبيل إلى الحد منه، ومقدامة على نحو ما يكون المتفائل إقداماً.