إلى طفل. وعندما أتى الأطفال أثبتت أنها أم صالحة وانشغلت بمتاعبهم وقللت من غلوائها، واعتدلت في أمورها كلها خلا كبريائها، وتدخلها المتكرر في أمور الدولة (شئون الحكم)، وفي هذه كان لها بعض العذر لأن لويس كان قلما يحسم الأمور أو يحدد المسار أو يختار بين البدائل بل كان غالباً ينتظر الملكة لتنظم له تفكيره، وكان بعض أفراد الحاشية يتمنون لو كان له قدرتها على تقدير الأمور بسرعة واستعدادها للقيادة.
لقد فعل الملك كل ما استطاع لمواجهة المصائب والأزمات التي سببها له سوء الأحوال الجوية والمجاعة والشغب بسبب عدم توفر الخبز، والثورات ضد الضرائب، ومطالب النبلاء والبرلمان، ونفقات البلاط والإدارة وزيادة العجز في الخزانة. وظل طوال عامين (١٧٧٤ - ١٧٧٦) يسمح لتورجو Turgot بتطبيق نظرية الفيزيوقراطين (الطبيعيين) والتي مؤداها أن إطلاق الحرية للمشروعات الخاصة والمنافسة وعدم إعاقة قوانين السوق المتحكمة - قانون العرض والطلب - سينعش الاقتصاد الفرنسي ويضيف عوائد جديدة للدولة، وأنه من الضروري تطبيق هذه النظرية على أجور العمال وأسعار البضائع. لكن أهل باريس قد اعتادوا التفكير في أن الحكومة هي الملاذ الوحيد الذي يحميهم من جشع المضاربين في السوق، لذا فقد عارضوا إجراءات تورجو Turgot وقاموا بأعمال شغب، واعترتهم البهجة عند سقوطه (أي سقوط حكومة تورجو).
وبعد أن لبث الملك عدة شهور مترددا مشوش الفكر استدعى جاك نيكر Jacques Necker وهو خبير مال سويسري يدين بالمذهب البروتستانتي ومقيم في باريس ليكون مشرفا على أمور الخزانة (١٧٧٧ - ١٧٨١).
وفي ظل هذا الغريب غير الكاثوليكي نفذ الملك لويس برنامجا شجاعا لإصلاحات صغرى؛ فقد سمح بتشكل مجالس (جمعيات) منتخبة على المستوى المحلي ومستوى المقاطعات لتعبر عن أهالي هذه المناطق لتكون كجسر يسد الفجوة بين الشعب والحكومة. وأعلن الملك رفضه لنظام السخرة Corveé، وكان إعلانه هذا صدمة لطبقة النبلاء، بل لقد