للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتآمرين من الملوك واللوردات والإكليروس لخداع الشعوب والاحتفاظ بولائها وتبعيتها. وعاد مارا إلى فرنسا في سنة ١٧٧٧ وعمل طبيباً بيطرياً في إسطبلات كونت درتوا Comte d'Artois ثم رقي طبيباً لحرس مخافر الكونت. وحقق بعض الشهرة في علاج الرئة وفي طب العيون. ونشر بحوثاً في الكهرباء والضوء والبصريات والنار، وترجمت بعض بحوثه إلى الألمانية. وظن مارا أنه جرى تعيينه لعضوية أكاديمية العلوم Academic des Sciences ولكن هجومه على نيوتن Newton جعله موضع شك الأكاديميين.

وكان مارا Marat رجلا شديد الكبرياء، وكانت العلل الجسدية تتناوب عليه فتعوقه وتجعله نزقا سريع الغضب إلى حد الهياج الشديد. وكان مصابا بالتهابات جلدية جعلته يجد راحة لبعض الوقت في الجلوس في الماء الساخن، وكان يكتب وهو بالفعل جالس في هذا الماء الساخن وكان ذا رأس ضخم جداً إذا قورن بطوله الذي لا يزيد عن خمسة أقدام، وكانت إحدى عينيه أعلى من العين الأخرى. من المفهوم إذن لم كان يفضل العزلة. وكان الأطباء يعالجونه بفصد دمه بين الحين والحين لتخفيف آلامه. وكان يعمل بجد شديد وكان يقول عن نفسه: "إنني لا أقضي في النوم سوى ساعتين .. إنني لم أستمتع بخمس عشرة دقيقة من اللعب طوال أكثر من ثلاث سنين ".

وفي سنة ١٧٩٣ أصيب بداء الرئة وشعر أنه لن يعيش طويلا، وربما كانت إصابته هذه بسبب طوال مكوثه في البيت. وكانت هذه الحقائق غير معروفة لشارلوت كورداى Charlotte Corday.

لقد تأثرت شخصيته بعلله الجسدية، فعوض نقصه بالخيلاء والغرور وعمل تقلب مزاجه وادعاؤه العظمة وشجبه الضاري لكل من نيكر ولافاييت Lafayette ولافوازيه ودعوته المجنونة للعنف الجماهيري .. كل أولئك زاد من وطأته قدر من الشجاعة والحرفية والتكريس.

ولا يرجع نجاح جريدته لمجرد المبالغات المثيرة التي يتسم بها أسلوبه فحسب وإنما يرجع في الأساس إلى تأييده المتواصل والمتحمس للبرولتياريا الذين لا أصوات لهم، ذلك التأييد الذي كان لا ينطوي على أي نوع من الرشوة.