١٢ - روبيسبير لم يحل محل دانتون تماما كعقل حاكم مدبر وكشخص فارض إرادته على لجنة الأمن العام - الإثنا عشر (The Twelve) فقد كان كل من كارنو وبيلو وكولو لديهم من الصرامة والشدة مما يعسر معه حكمهم، فلم يصبح روبيسبير أبدا دكتاتوراً. لقد كان يعمل من خلال دراسة متأنية صبورة وإستراتيجية مراوغة لا من خلال أوامر مباشرة (زعامة واضحة) وحافظ على شعبيته بين أفراد الطبقة الثالثة (السانس كولوت) فقد عاش عيشة بسيطة وراح يمدح الجماهير ويمجدها ويدافع عن مصالحها،
وفي ٤ أبريل ١٧٩٣ قدم للمؤتمر الوطني "الإعلان المقترح لحقوق الإنسان والمواطن":
"المجتمع ملزم بتقديم ما يقيم أود كل فرد فيه، سواء بإتاحة فرص العمل لهم أم بضمان وسائل العيش لغير القادرين على العمل .... فمن كان عنده فضل مال فليعد به على من لا مال له … إنه لدين على القادرين أن يساعدوا من تنقصهم الضروريات. إن التخلص النهائي من الاستبداد يكون بمقاومة الظلم الذي يلبس لبوساً قانونيا (يأخذ شكلاً شرعيا) … والهيئات والمؤسسات التي لا تؤمن بأن الناس كلهم صالحون طيبون وأن الحكام والقضاة مرتشون فاسدون، هي هيئات أو مؤسسات كلها باطلة … فالناس في كل البلاد سواسية (إخوة) ".
بالتأكيد لم يكن أعضاء لجنة الأمن العام الاثنا عشر كلهم مجرد قتلة أوغاد كما توحي بذلك النظرة السطحية. حقيقة أنهم اتبعوا باستعداد تام تراث الإرهاب وحذوا حذو ذلك التراث الذي كان قد وصل إليهم من الحروب الدينية ومذبحة ١٥٧٢ فترة القديس بارثولوميو Bartholomew وكان معظمهم قد تعلم أن يعدم أعداءه من غير أن يتحرك ضميره بل وفي بعض الأحيان بلا وازع من فضيلة لكنهم كانوا يتذرعون بضرورات الحرب وأعرافها. وكانوا هم أنفسهم عرضة لهذا الحظ العاثر، فقد كان كل واحد منهم مهددا بالعزل وجز رقبته بالمقصلة، وبالفعل فقد حدث لعدد منهم هذا.
وكانوا في كل لحظة عرضه لسخط جماهير باريس أو الحرس الأهلي (الوطني) أو جنرال طموح، وكانت أي هزيمة كبرى على الحدود أو في المحافظات (الدوائر) المتمردة كفيلة بالإطاحة بهم. وفي الوقت نفسه فإنهم كانوا يعملون ليل نهار لإنجاز المهام الموكلة إليهم، فكان الواحد منهم يواظب من الثامنة صباحا حتى الظهر