باريس وأخذ معه فضة أمه وأنفقها على العاهرات وقبض عليه وأودع السجن ودرس القانون وكتب قصيدة جنسية من عشرين قسما (مكونة من عشرين مقطوعة) وكان مولعاً باغتصاب النساء خاصة الراهبات منهن، وكان يمجد اللهو واللذة باعتبارهما حقا مقدسا. وقد وجد في الثورة، في البداية تبريرا شرعيا ظاهرا لمذهبه في المتعة واللذة لكن مثلها العليا وغاياتها جعلته يسمو بفرديته ليتمسك بالفضائل الرومانية بطريقة جعلته على استعداد للتضحية بكل شيء لجعل هذه المثل العليا على أرض الواقع.
لقد تحول من الإبيقورية epicurean (مذهب اللذة) إلى الرواقية stoic (مذهب مجاراة الضرورة) لكنه ظل رومانسيا حتى النهاية. لقد كتب:"عندما يأتي اليوم الذي لا أستطيع فيه أن أهدي الشعب الفرنسي إلى طرق مناسبة وقوية وعقلية لا تنثني أمام الطغيان والظلم .. ساعة تبين عجزي عن هذا سأطعن نفسي" وفي "المؤسسات الجمهورية Republican Institutions" (١٧٩١) قدم البراهين على أن تركز الثروة إنما هو سخرية من مَبْدَئي المساواة والحرية من الناحية السياسية والقانونية، فلا بد من تحديد الثروات وتوزيعها، ولا بد أن تقوم الحكومة على ملاك فلاحين وحرفيين مستقلين، ولا بد أن تمول الحكومة التعليم للجميع وتقدم إعانات للفقراء. ولا بد أن تكون القوانين قليلة ومختصرة ومفهومة "فالقوانين الطويلة مثل كوارث ومصائب عامة"، ولا بد أن تتولى الدولة تربية الأطفال كلهم بعد سن الخامسة ببساطة إسبرطية (لتعليمهم البساطة والجلد) ولتطعمهم الخضراوات ولتدربهم على القتال. والديمقراطية أمر طيب لكن الدكتاتورية أمر لازم وقت الحرب. وعندما تم انتخابه للجنة الأمن العام في ١٠ مايو سنة ١٧٩٣ نذر نفسه للعمل الجاد المضني ورد على الشائعات التي ترددت باتخاذه عشيقة مع الزعم "بأنه مشغول جداً ولا وقت لديه لمثل هذه الرفاهية".
وأصبح الشاب العنيد سريع الهياج متجهما صارما منضبطا ومنظما قديرا وجنرالا لا يهاب ومحققا للنصر. وعندما عاد منتصرا إلى باريس تم اختياره رئيساً للمؤتمر الوطني (١٩ فبراير ١٧٩٤) ومع أنه كان فخورا معتزا بنفسه واثقا بها متسيداً على الآخرين إلا أنه قبل بتواضع قيادة روبيسبير ودافع عنه في هزيمته وصحبه إلى الموت وهو - أي سان جوست - في سن السادسة والعشرين وأحد عشر شهرا.