بات المؤتمر الوطني الآن بعد ثلاثة أعوام ظل فيها باقيا بما يشبه المعجزة يستحق موتاً هادئا على أن يبعث ثلثا أعضاؤه (بانضمامهم للهيئات الجديدة).
لكن ما حدث هو أن موته لم يكن بسلام وإنما ملطخاً بالدم كما هو المألوف في ذلك الوقت فالبلوتوقراط (ذوو النفوذ الناشئ عن ثرواتهم plutocrats) والملكيون الذين كانوا قد استولوا على قسم (حي) الليبليتيير Lepeletiere في باريس حول البورصة، قاموا بحركة تمرد على التشريعات التي ولدت من جديد، وانضمت إليهم أحياء أخرى لأسباب مختلفة تخصها، وكونوا جميعا قوة قوامها ٢٥،٠٠٠ رجل وتقدموا إلى عدة مواقع فتحكموا في التوليري ومن ثم في المؤتمر الوطني (٥ أكتوبر، ١٧٩٥/ ١٣ فيندميير Vendemiaire بالتقويم الجمهوري) فعين نواب المؤتمر المرعوبون بارا لتولى أمور الدفاع كيفما اتفق فعين بدوره بونابرت وكان في السادسة والعشرين من عمره، وكان وقتها عاطلا في باريس (أي بلا عمل) ليجمع الرجال والمؤن والأهم من ذلك المدفعية.
وكان بطل طولون Toulon يعرف مكان المدافع فأرسل مورا Murat مع قوة لتأمينها فأحضروها ووضعوها في مراكز تشرف على المتمردين المتقدمين، وصدرت النداءات للمتمردين بالتفرق، فاحتقروها، فأمر نابليون بإطلاق المدافع فسقط ما بين مائتي قتيل وثلاثمائة جريح وفر الباقون، وأحيا المؤتمر الوطني بذلك آخر محاكماته المصحوبة بالتعذيب ودخل نابليون الحاسم القاسي لتكون أعماله وسيرته من أكثر المشاهد دراماتيه في التاريخ الحديث.
وفي ٢٦ أكتوبر حل المؤتمر الوطني نفسه وفي الثاني من نوفمبر سنة ١٧٩٥ بدأ الطور الأخير للثورة الفرنسية.