أنه لم يظل ودوداً بهذا الشكل إلا لفترة شهر أو نحو ذلك). لقد جمع حوله فناني إيطاليا وشعراءها ومؤرخيها وفلاسفتها وعلماءها وراح يتحدث معهم بألفة. لقد بدا له لفترة وكأن لودوفيكو سفورزا Lodovico Sforza وليوناردو دا فنشي Leonardo da Vinci بعثا معا من جديد وصارا كيانا واحدا. أي شيء يمكن أن يكون أكثر جاذبية وتشويقا من خطابه إلى عالم الفلك بارنابا أورياني Barnaba Oriani ؟
" المثقفون والعلماء في ميلان لم يعتادوا أن ينعموا بما يستحقونه من تقدير. فهم مختبئون في معاملهم يظنون أنه إذا لم ينلهم من الملوك والقسس أذى، إنهم إذن لفي نعيم. إن الأمر ليس كذلك الآن. لقد أصبح الفكر في إيطاليا حرا. لا مكان لمحاكم التفتيش بعد الآن. لا مكان للتعصب وعدم التسامح. لا مكان للظلم والطغيان. إنني أدعو المثقفين والعلماء كلهم أن يجتمعوا معا وأن يدلوني على ما يجب عمله أو الاحتياجات المطلوبة حتى نبث حياة جديدة في العلوم والفنون الجميلة … أرجوك أبلغ هذه المشاعر عني للرجال المميزين من قاطني ميلان المثقفين والعلماء"(٠٥).
قد أدمج نابليون مدينة ميلان ومدناً أخرى في جمهورية لومبارديا التي كان على سكانها أن يشاركوا الفرنسيين في "الحرية " و "المساواة" و "الإخاء" و "الضرائب".
وفي إعلان للمواطنين الجدد (صدر في ٩١ مايو ٦٩٧١) وضح أنه ما دام الجيش المحرر قد دفع ثمنا باهظا لتحرير لومبارديا، فإن على المحررين أن يشاركوا بدفع نحو عشرين مليون فرنك لإنفاقها على جنوده (جنود نابليون)، وهذا - بالتأكيد - مجرد إسهام صغير بالنسبة لبلاد بمثل هذا الخصب، وأكثر من هذا فإن الضرائب ستفرض على "الأثرياء … وعلى المؤسسات الكنسية حتى يتم إعفاء الفقراء (١٥). ولم يحظ النظام الذي فرض في الأيام الآنف ذكرها بكثير من الشعبية، ذلك النظام القاضي بأن يصحب مندوب إيطالي الجيش الفرنسي ليدله على الأعمال الفنية والمستلزمات العلمية وما إلى ذلك الموجودة في المدن المفتوحة لتحويلها إلى الجمهورية (٢٥). ولم يستطع الإيطاليون الثأر لأنفسهم وإنما عللوا أنفسهم ببعض التوريات اللفظية كقولهم: "ليس الفرنسيون كلهم لصوصا وإنما منهم عدد كبير من الصالحين". وعلى أية حال فقد كان نابليون يتبع في هذا النظم التي وضعها المؤتمر