بسيره على قدميه تاركا حصانه المريض. وفي ١٤ يونيو دخل الجيش الفرنسي المنهك مدينة القاهرة دخول المنتصر وعرض سبعة عشر علما من أعلام الأعداء وستة عشر أسيرا تركيا، كدليل أن الحملة قد حققت نصرا يدعو للفخر. وكان دخولهم القاهرة بعد رحلة شاقة قطعوا فيها ٣٠٠ ميل في ستة وعشرين يوما.
وفي ١١ يوليو أنزلت مائة سفينة على ساحل خليج أبي قير جيشا تركيا لطرد الفرنسيين من مصر فخرج نابليون من القاهرة متجها شمالا على رأس أفضل جنوده وانقض على الجيش التركي فألحق به هزيمة منكرة (في ٢٥ يوليو) حتى إن كثيرين من الترك فضلوا الاندفاع إلى البحر ليموتوا غرقى بدلا من مواجهة الفرسان الفرنسيين المندفعين بعنف.
ومن الصحف الإنجليزية التي أرسلها سيدني سميث Sidney Smith إلى نابليون علم - ويالدهشته - أن التحالف الأوربي الثاني قد طرد الفرنسيين من ألمانيا، وأعاد الاستيلاء على إيطاليا كلها (تقريبا) من الألب إلى كالابريا Calabria. إن صروح انتصاراته كلها قد انهارت عبر سلسلة من الكوارث من الراين وبو Po إلى أبي قير وعكا، والآن من خلال هزائم مخزية وجد نفسه وجيشه الذي هلك جانب كبير منه وقد حوصروا في ممر يحيط به الأعداء، حيث يمكنهم محق الفرنسيين في غضون وقت قليل.
وفي نحو منتصف شهر يوليو تلقى من حكومة الإدارة أمرا كان قد أرسل له في ٢٦ مايو، مؤداه أن يعود إلى باريس فورا. فصمم على العودة إلى فرنسا بطريقة ما رغم الحصار البريطاني، ليشق طريقه إلى السلطة، وليعزل القادة المخطئين الذين سمحوا بضياع مكاسبه كلها في إيطاليا بهذه السرعة السريعة. ونظم نابليون الأمور العسكرية والإدارية في القاهرة وعين كليبر Kleber المعارض ليكون على رأس ما تبقى من حلم فرنسا ضم مصر إليها.
وكانت الخزانة خاوية بالإضافة إلى كونها مدينة بستة ملايين فرنك، فقد كانت هناك متأخرات للجنود وصلت قيمتها إلى أربعة ملايين فرنك، وكان عدد الجنود الفرنسيين يتناقص يوما بعد يوم وكذلك معنوياتهم، بينما أهل البلاد المقاومون يزدادون قوة ويتحينون الفرصة للقيام بثورة أخرى. وكان من الممكن في أي وقت أن ترسل تركيا وبريطانيا العظمى قوات عسكرية إلى مصر يمكنها - بمساعدة أهل البلاد - عاجلا أم آجلا إجبار الفرنسيين