لقد كانت عروش أوربا كلها تقريبا تتحين الفرصة للانقضاض على فرنسا مرة أخرى. وقد أدرك الملوك أن هذه الفرصة قد سنحت عندما أخذ نابليون معه ٣٥،٠٠٠ من خيرة جنود فرنسا ورجالها إلى مصر، فحاصروا فرنسا بمجرد انتصار نلسون في معركة أبي قير البحرية، وما نتج عن ذلك من عدم قدرة الجيش الفرنسي في مصر على العودة سريعا إلى فرنسا. وقبل القيصر بول الأول نتيجة انتخاب ليكون الرئيس الأعلى لفرسان مالطة وأخذ على عاتقه طرد الفرنسيين من هذه الجزيرة بالغة الأهمية وعرض مساعدته على فرديناند الرابع لاستعادة نابلي، وكان يحلم بأن تكون لروسيا مواني صديقة في نابلي ومالطا والإسكندرية، وبالتالي بجعل روسيا قوة من قوى البحر المتوسط. وفي ٢٩ ديسمبر سنة ١٧٩٨ عقد حلفا مع إنجلترا، وعندما سمح الإمبراطور فرانسيس الثاني بالمرور الآمن في الأراضي النمساوية للجيش الروسي ليمر إلى الراين، أعلنت فرنسا الحرب على النمسا (١٢ مارس ١٧٩٩)، فانضمت النمسا - إثر هذا - إلى كل من روسيا وتركيا ونابلي والبرتغال وانجلترا في الحلف الثاني ضد فرنسا.
وتجلى ضعف حكومة الإدارة في هذا الصراع الذي كانت هي السبب في إثارته، وعجزت عن التنبؤ به. لقد كانت بطيئة كسلي فلم تستعد له بما فيه الكفاية، وكانت غير ناجحة في إعداد ميزانية الحرب، وكانت خرقاء في تطبيق سياسة التجنيد الإجباري. لقد جندت ٢٠٠،٠٠٠ رجل لم يكن صالحا منهم للخدمة سوى ١٤٣،٠٠٠ وقد مثل من هؤلاء للأوامر ٩٧،٠٠٠ وفر منهم آلاف في أثناء المسيرة فلم يصل منهم إلى وحداتهم العسكرية المحددة لهم سوى ٧٤،٠٠٠، وفي معسكراتهم وجدوا الفوضى ضاربة أطنابها ووجدوا نقصا في الملابس والمعدات والأسلحة. وكانت روح الحماسة التي كانت في وقت من الأوقات تغمر الجيش الجمهوري شجاعة ورغبة في القتال، قد اختفت من هؤلاء الرجال الذين عاشوا سنين محبطين حيث الفوضى وخيبة الأمل. لم يكن هناك في ظل حكومة الإدارة الآن (١٧٩٨) ذلك العزم والنظام الذي ساد في حرب ١٧٩٣ في ظل لجنة الأمن العام.
لقد كانت هناك بعض النجاحات الأولية والمضللة فقد فتح الفرنسيون بيدمونت وتسكانيا وجمعوا منهما الضرائب. وانتصار الملك فرديناند Ferdinand IV الرابع