ظلوا على كاثوليكيتهم راحوا يصلون مبتهلين طالبين أن يحل اليوم الذي يتخلصون فيه من حكم الملحدين، بل إن بعض المتشككين الذين تخلوا عن المعتقدات الغيبية كلها راحوا الآن يتشككون الآن في إمكانية أن يستطيع نظام أخلاقي لا يدعمه دين مقاومة العواطف والانفعالات غير المنضبطة والدوافع غير الاجتماعية التي ترسخت في قرون انعدم فيها الأمان وسادت فيها الوحشية والقنص، وراح كثيرون من الآباء غير المتمسكين بعقيدة يرسلون أبناءهم إلى الكنائس لأداء الصلوات، وتأدية طقس الاعتراف وتناول العشاء الرباني حتى يعين ذلك كله على تحليهم بالتواضع ولتقوية عرى الروابط الأسرية وتحقيق السلام مع النفس.
والفلاحون والبورجوازيون الذين يدينون للثورة بأراضيهم ويريدون الاحتفاظ بهذه الأراضي قد بغضوا الحكومة رغم هذا، فهي ترسل لهم غالبا من يفرض الضرائب على محاصيلهم أو يجند أبناءهم قسراً. وكان عمال المدن صاخبين في مطالبتهم بالخبز بدرجة أ كثر يأساً عن ذي قبل حتى عن فترة ما قبل سقوط الباستيل، لقد رأوا التجار والصناع والسياسيين وأعضاء حكومة الإدارة يعيشون في رغد من العيش فراحوا ينظرون إلى الثورة باعتبارها أحلت البورجوازيين سادةً ومستغلين للدولة بدلا من النبلاء،
ومع هذا فقد كان سادتهم البرجوازيين ساخطين بدورهم فالطرق غير الآمنة والتي اعتراها الإهمال جعلت التجارة عملية مرهقة ومنطوية على المخاطرة، وأحبطت القروض القسرية (على غير رغبة المقرض بكسر الراء) والضرائب المرتفعة الراغبين في الاستثمار وإقامة المشروعات، ففي ليون أغلق ثلاثة عشر محلا تجارياً أبوابها من بين خمسة عشر ألفا، باعتبارها غير مربحة، وكان هناك الألوف من العاطلين رجالا ونساء، وكان لي هافر Le Havre وبوردو ومرسيليا قد اعتراها الخراب بسبب الحرب وبسبب الحصار البحري البريطاني.
ولم تكن الأقلية التي يزيد تناقصها تستطيع إلا بجهد شاق أن تعقد رباطا بين الثورة والحرية، فقد حطمت الثورة كثيرا من الحريات وأجازت كثيرا من القوانين الإرهابية وأرسلت خلقاً كثيرا رجالا ونساء- إلى السجن أو المقصلة. وراحت النسوة خلا الزوجات ومشرفات البيوت وبنات الأثرياء الجدد وكبار السن ينتقلن من صف إلى صف باضطراب أمام المحلات مخافة أن ينفد