للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنازل وأماكن الاستجمام والكنائس والمدارس، وهذا يحدث فقط إذا تم التحايل على جامع الضرائب أو تضليله أو استرضائه. وكان يمكن دفع الضرائب بالأسينات assignats (العملة النقدية الورقية الحكومية) على وفق قيمتها الاسمية (المكتوبة عليها) بينما كانت المنتجات تباع بأسينات مضاعفة مائة مرة حتى يضمن البائع أن المبلغ الذي باع به أصبح يساوي قيمة ما باعه.

ولم يحدث أبدا أن كانت زراعة الأرض الفرنسية تتم في أي وقت مضى بمثل هذا الحماس وهذه الطريقة المثمرة، وكان تحرير أكبر الطبقات في مجتمع أصبح الآن بلا طبقات هو أهم نتائج الثورة وأكثر ديمومة وأشدها وضوحا. فهؤلاء الممولون الأشداء أصبحوا أقوى المدافعين عن الثورة لأنها أعطتهم الأرض التي سيأخذها منهم البوربون Bourbon إن هم عادوا ملوكا لفرنسا. وللسبب نفسه أيد الفلاحون نابليون وقدموا طوال خمسة عشر عاماً نصف أبنائهم. وباعتبارهم (أي الفلاحين) ملاكا - وكان هذا مدعاة لفخرهم - فقد صنفوا أنفسهم سياسيا مع البورجوازية، وعملوا خلال القرن التاسع عشر كثقل محافظ يحفظ توازن الدولة التي كانت تعتريها نوبات تغيير مفاجئ.

وليضمن المؤتمر الوطني (١٧٩٣) المساواة في الحقوق، منع نظام البكورة في الميراث (حق الابن الأكبر في أن يرث الميراث كله) وأصدر أوامره بأن يوصى للأبناء بأسهم متساوية بمن في ذلك الأبناء غير الشرعيين (المولودين خارج نطاق الزوجية) إذا اعترف الأب ببنوتهم له. وكان لهذا التشريع نتائج مهمة على المستويين الأخلاقي (المعنوي) والاقتصادي: وقد عارضه معارضون لأن هذا النظام الجديد يفضي بالورثة إلى الفقر نتيجة تقسيم الميراث على التوالي بين أبناء كثيرين، لذا فقد رسخ الفرنسيون وسائل تحديد النسل القديمة. لقد ظل الفلاحون مزدهري الأحوال لكن عدد سكان فرنسا راح ينمو ببطء خلال القرن التاسع عشر إذ ارتفع من ٢٨ مليون نفس سنة ١٨٠٠ إلى ٣٩ مليون نفس في سنة ١٩١٤، بينما ارتفع سكان ألمانيا في الفترة نفسها من ٢١ مليوناً إلى ٦٧ مليوناً. ونظراً لخصوبة الأرض ووفرة ثمرها تباطأ الفلاحون الفرنسيون في الانتقال والحركة إلى المدن والمصانع، لذا بقيت فرنسا دولة زراعية في الأساس، بينما تطورت إنجلترا وألمانيا صناعيا وتكنولوجيا، فأدى هذا لتفوقها في الحرب وسادت أوربا.