ظل الفقر شديد الوطأة بين الفلاحين الذين لا يمتلكون أراضي، والمشتغلين في المناجم والعمال والحرفيين في المدن. لقد راح الرجال يحفرون الأرض لاستخراج المعادن اللازمة للصناعة والحرب، فقد كان الملح الصخري (نترات البوتاسيوم أو الصوديوم) لازما لصناعة البارود، وزاد استخدام الفحم ليحل محل الأخشاب كمولد للطاقة المحركة. وكانت المدن متألقة مفعمة بالحيوية نهارا مظلمة هامدة بالليل حتى سنة ١٧٩٣ عندما أخذت الكومونات communes على عاتقها إضاءة شوارع باريس، وواصل الحرفيون العمل ليلا في محلاتهم المضاءة بالشموع وراح البائعون الجوالون ينادون على بضائعهم ليلا في مركز السوق المفتوح، وكان في الضواحي مصنع أو مصنعان.
وفي سنة ١٧٩١ ألغيت روابط الطوائف المهنية Guilds وأعلنت الجمعية الوطنية أنه "من الآن فصاعدا لكل فرد الحق في ممارسة العمل الذي يختاره والمهنة التي يرتضيها والفن أو التجارة التي يبتغيها". ومنع قانون منع التكتلات Law of le Chapel (الصادر في سنة ١٧٩١) العمال من الانضمام إلى تكتلات اقتصادية، وظل هذا المنع ساريا حتى سنة ١٨٨٤، وكانت الإضرابات ممنوعة لكنها حدثت لفترات متواصلة أحيانا، وبشكل متقطع أحيانا أخرى. وناضل العمال حتى لا يأكل التضخم أجورهم، وعلى كل حال، وبشكل عام، استطاعوا الحفاظ على أجور لا يقلل ارتفاع الأسعار من جدواها. وبعد سقوط روبيسبير Robespierre أحكم أصحاب الأعمال قبضتهم وساءت أحوال البروليتاريا. وبحلول عام ١٧٩٥ أصبح العوام من السانس كولوت sansculottes طبقة فقيرة ومطحونة كما كان حالها قبل الثورة. وبحلول عام ١٧٩٩ فقدت هذه الطبقة إيمانها بالثورة، وفي سنة ١٨٠٠ رحبوا بدكتاتورية نابليون عاقدين عليها الآمال.