للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لرجل واحد، لكنها وطن للأمة بأسرها، وإذا ما أضاع حفدتي سلطانهم بسبب أخطائهم، فلن آسف على ضياعه منهم" (٦٠).

لكن حفدته ملكوا زمام أنفسهم على نحو أحسن جداً مما كان ينتظر عادة من ملوك عصرهم أن يفعلوا خلال أمد طويل من الزمن؛ أما "هيديتارا" فقد كان رجلاً متوسط القدرة لا يصدر عنه الأذى؛ ثم جاء "أييمتسو" مثلاً لصورة أقوى من صور أفراد هذه الأسرة، فاستطاع بشدته أن يحبط حركة نهضت لإعادة النفوذ الحقيقي إلى الأباطرة الذين كانوا لم يزالوا يملكون ولكنهم لم يكونوا يحكمون؛ وأغدق "تسونايوشي" إغداقاً في رعايته لرجال الأدب، ورعايته للمدرستين المتنافستين العظيمتين في عالم التصوير. وهما "كانو" و "توسا" اللتان زَيَّنتا عصر "جنروكو" (١٦٨٨ - ١٧٠٣)؛ وجاء "يوشيموني" فجندّ نفسه للغاية التي ما انفكت الإنسانية تهدف لها حيناً بعد حين، وهي محو الفقر، وكان ذلك في نفس الوقت الذي كانت ميزانية حكومته تعاني فيه عجزاً جاوز المألوف؛ فاستقرض من طبقة التجار قرضاً طائلاً، وهاجم إسراف الأغنياء، وخفض نفقات حكومته خفضاً نزع به نحو جانب الزهد الرواقي، الذي ذهب به إلى حد إخراجه سيدات القصر الخمسين اللائي كن أجمل السيدات، واكتفى في ثيابه بلبس القطن، وفي نومه بحصير مما يرقد عليه الفلاحون، وفي طعامه بأبسط ألوان الطعام؛ ووضع صندوقاً أمام قصر المحكمة العليا ليضع فيه الشاكون شكاواهم، ودعا الناس إلى نقد السياسة الحكومية أو موظفي الحكومة على أي نحو شاءوا؛ فلما قدم رجل يدعي "ياماشيتا" عريضة اتهام لاذع يهاجم بها الحكومة من أساسها، أمر "يوشيموني" بالاتهام فَقُرِأ على مسمع من الملأ، وكافأ كاتبها على صراحته بأجزل العطاء (٦١).

ولقد قرظ "لافكاديوهيرن" حكمه في ذلك العهد فقال: "إن عصر "توكوجاوا" كان أسعد العصور التي شهدتها الأمة في حياتها الطويلة" (٦٢).