لما عرف أن المبشرين بالمسيحية كانوا أحياناً يُستخدمون طلائع للفاتحين وأنهم كانوا في أجزاء متناثرة من أرض الوطن يتآمرون على الدولة اليابانية (٥٨)؛ فأمر سنة ١٦١٤ بتحريم العبادة المسيحية أو التبشير بتعاليمها في اليابان، وطالب المعتنقين لهذه الديانة من الأهالي إما أن يغادروا البلاد وإما أن يرتدوا عن عقيدتهم الجديدة، واستطاع قساوسة كثيرون أن ينجوا بأنفسهم من طائلة هذا القانون، وألقي القبض على طائفة منهم، ولكن لم يُعدم أحد منهم في حياة "أيياسو"، فلما قضى نحبه، صبَّ سادة الحكومة غضبهم على المسيحيين، وأعقب ذلك موجةٌ وحشية من الاضطهاد الديني، كان من أثرها أن أمحت المسيحية من بلاد اليابان محواً تاماً تقريباً، ولما كان عام ١٦٣٨ تجمعت البقية الباقية من المسيحيين، وبلغ عددها سبعة وثلاثين ألفاً، في شبه جزيرة "شيمابارا" وحصنتها ووقفت وقفة أخيرة دفاعاً عن حرية العبادة؛ فأرسل لها "أبيمتسو"- حفيد أيياسو- قوة كبيرة مسلحة لإخضاعها؛ وبعد حصار دام ثلاثة أشهر سقطت الحامية في أيدي اليابانيين، وذبح المعتصمون بها ذبحاً في الشوارع، لم يبق منهم على قيد الحياة إلا مائة وخمسة أشخاص.
مات "أيياسو" في نفس العام الذي مات فيه شكسبير؛ وخلَّف هذا الحاكم العسكري القوى سلطانه إلى ابنه "هيديناميا" مصحوباً بنصح بسيط وهو: "ارْعَ أبناء الشعب، وحاول أن تكون فاضلاً، ولا تهمل أبداً في حماية البلاد"؛ وكذلك قدم النصح إلى الأشراف الذين وقفوا إلى جانب سريره ساعة احتضاره، فكان نصحاً على أحسن ما تجرى به التقاليد كما عُرفت عند "كونفوشيوس" و "منشيوس" إذا قال لهم: "لقد بلغ ابني الآن سن الرشد، ولست أشعر بأي قلق على مستقبل الدولة، ولكن إذا ما اقترف خلفي خطأ فادحاً في إدارة حكومته، فتولوا أنتم زمام الأمور بأيديكم، فليست البلاد مِلْكاً